أخبار سوريةمبادئ الحزبوثائق وبيانات

الدّيمقراطية

الدّيمقراطية بالتعريف هي «حكم الشّعب لنفسه بنفسه»، أو بشكل آخر «الدّيمقراطية هي حكم الشّعب بواسطة الشّعب ولأجل الشّعب». وبما أنّ الشّعب لا يستطيع أنْ يتواجد كلّه في الحُكم فهو يُوكّل الأمر لممثلين عنه، يختارهم بالانتخابات التي من المفترض أن تكون حرّة، ودورية، وشفّافة.

لكن التّعريف السابق لا يعدو عن كونه شعاراً أجوفاً إن لم يستند إلى بعده الفلسفي. خصوصاً في بلد كسورية، لم تتمكن فيه القوى المجتمعية من التعبير عن نفسها بحرية ووضوح بسبب استلاب إرادتها.

فالدّيمقراطية قبل أن تكون نظاماً للحكم هي منهج في الحياة هدفه تسخير جميع القوى في كل المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية لخدمة الإنسان، معتمداً في ذلك على  العدل والمساواة والحرية. لذلك فالدّيمقراطية لا يتلخص تعريفها فقط في مجموعة من الضمانات القانونية، أو في سيادة الأغلبية التي ربما ضمنت نجاحها في الاتتخابات بناءً على وسائل لا ديمقراطية، بل هي في جوهرها احترامٌ للتطلعات الفردية والجماعية. لذا، لا ترتكز الدّيمقراطية على القوانين فقط، و إنما على ثقافة سياسية بشكل خاص. فالدّيمقراطية هي فكرً، ونظامُ حكم ، ومذهبٌ سياسيّ أيضاً.

يختلف شكل الدّيمقراطية من بلد لآخر، ولكن يجب الانتباه إلى نزع حجة «الخصوصية السورية» من يد الهيئات السلطوية (نظاماً ومعارضات) لأنّ هذه الذريعة غالباً ما تُستخدم لإعادة إنتاج الاستبداد. فإذا كان لكلّ حالة خصوصيتها، فإنّ هناك مبادئ عامة ومسلّمات لا يمكن تجاوزها، منها أنّ جوهر الدّيمقراطية هو توزيع السلطة في المجتمع، وإتاحة الفرص الفعلية للمواطنين للمشاركة في القضايا التي تؤثّر على مسار حياتهم من أجل تحقيق أهدافهم السياسية والاجتماعية.

إنّ الحزب الدّستوري السّوري (حدْس) يدعو إلى الدّيمقراطية الليبرالية-التشاركية، كونها السبيل إلى الوصول إلى عدالة وسلم اجتماعيين يتعديان الدّيمقراطية التوافقية القائمة على المحاصصة. وبهذا تبدو لنا الدّيمقراطية الليبرالية-التشاركية أكثر انسجاماً مع أقانيم الحزب، وأهدافه، وآلياته. فالدّيمقراطية الليبرالية-التشاركية ليست نظاماً للحكم فحسب، بل هي فلسفة تقوم على الإيمان بنسبية الحقيقة وتعددية المؤسّسات الاجتماعية ضدّ كل ما هو مطلق في الفلسفة وما هو كلّي في الاجتماع، وهي بهذا تختلف عن (الدّيمقراطيات الشعبية)، وهي تتطلب الالتزام بحقوق الأفراد والجماعات المختلفة «وهذا هو تعريف الدّيمقراطية الليبرالية»، عن طريق تثبيت قوانين بهذا الخصوص بالدّستور اعتماداً على فكرة التوازن«والتوازن هو الآلية الأساسية في التّشاركية».
ونحنُ نعتقد أنّ فكرة التوازن تبدأ عندما تتعارض مصالح الأكثرية مع مصالح الأقلية، عندها لا بدّ من تحقيق توازن دقيق ومستدام بينهما « وهذا هو جوهر الدّيمقراطية الليبرالية»، وتتمدَّد هذه الفكرة لتشمل التوازن بيْن السّلطات التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة، وبين المناطق والبلديات «أي اللامركزيّة»، وبين السلطات الدينيّة والدنيويّة « ومن هنا فكرة العلمانية».

إذن، فالانتخابات الحرة لوحدها ليست كافية لكي يصبح بلد ما ديمقراطياً، فثقافة المؤسّسات السياسية والخدمات المدنية فيه يجب أن تتغير أيضاً، وآلية الدّيمقراطية الليبرالية-التشاركية تتطلب مساهمة أكبر من المواطنين في القضايا الكبرى والحسّاسة للبلاد، وتقليص استبداد الدّيمقراطية التمثيلية التي تعتمد على مبدأ رابح وخاسر.

 إنّ الأحياء والبلديات تُشكّل الإطار المؤسّساتي لممارسـة الدّيمقرا طيـة الليبرالية-التشاركية على المستوى المحلي، وتتخذ المجالس المحلية التـدابير اللازمة لإعـلام المـواطنين بشـؤونهم، واستشارتهم حول خياراتهم وأولوياتهم في مسائل التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وذلك من خلال ممثليهم في مؤسّسات المجتمع المدني، ونجاح هذا الشكل المتقدم من الدّيمقراطية يتوقف على وجود مجتمع مدنيّ غير مغيّب أو مستلب، ووجود مواطنين أحرار، ومسؤولين عن خياراتهم، ومتساوين في فرصهم. أي أنّ الدّيمقراطية تعتمد في المقام الأول على وجود مواطنة فاعلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق