بناء دولة وشعب …هل يستحق السوريون دولة حديثة ؟
تقدم الامم يحتاج الى العلم والفكر والقانون الذي ينظم حياة الناس وعلاقاتهم وبعيداً عن الأديان والأيدولوجيات

بقلم : هشام المسالمة
إن الصراع في سوريا لم يكن وليد الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية في آذار 2011 والذي تحول من ثورة شعبية في نهاية 2012 الى صراع مسلح اقليمي ومن ثم الى صراع دولي في عام 2015 بعد التدخل الروسي لإنقاذ نظام الأسد من السقوط.
إن الصراع بدأ منذ تسلم الأسد الأب السلطة عام 1971، وقام بالسيطرة على كل منابع الحياة للسوريين وأخطر ما قام به هو سلب إرادتهم بشكل كامل.
خمسون عام مضت والديكتاتور أسس نظاماً امنياً وفكرياً معقداً ويصعب فك شيفرته بسهولة، وحيث مارس كل صنوف القتل والاخفاء القسري لمن هم خطراً على وجوده، وكما قام بكتم الأفواه وتجويعها لعشرات السنين كي يطيل من عمر إمبراطورتيه المافيوية ولأبنائه وأبناء أبنائه ومن بعده.
فك الشيفرة كان بتحطيم جدار الخوف و لم يتمكن كل السياسيين السوريين و أحزابهم و نضالاتهم المتعددة من ذلك و لكنه تم بعفوية مطلقة من أطفال درعا في شباط 2011.
ما زال السوريون في طور الضياع والبحث عن الذات ودولتهم بشكلها القانوني تحتضر بسبب رئيسي واول من نطام الأسد السلطوي الفاسد والمجرم.
نحن بحاجة لبناء دولة و شعب من جديد و هذا ليس مبالغاً فيه، فالفكر يجب أن يتم وفق معايير جديد تتناسب و حق الانسان بالعيش الكريم و تضمن له الحريات المقدسة و النمو الفكري و الاقتصادي.
هذا لن يتم الا اذا تم بناء جيل جديد تربى على القيم الأخلاقية و الإنسانية و على احترام القانون و الآخر و العيش المشترك مع كل بني البشر دون استثناء.
لن يتم هذا المشروع الا ببناء دولة تؤسس على العلم والقانون والأخلاق ونقوم بصناعة رجال دولة وأقصد ما أعنيه نعم صناعة.
إن تقدم الدول علمياً واقتصادياً وثقافياً وفكرياً لا يؤسس على التاريخ أو الماضي ولا العادات والتقاليد لأنها كلها ثقافات وتراث، وإنما التقدم يحتاج الى العلم والفكر والقانون الذي ينظم حياة الناس وعلاقاتهم وبعيداً عن الأديان والأيدولوجيات.
ما زلت احلم بمشروع دولة حقيقية وتتناسب وحجم تضحيات أبناء سورية جميعاً ولكن علينا أولا الخلاص من دول الاحتلال ومحاسبة مجرمي الحرب وإعداد مشاريع حقيقية لبناء دولة حديثة يستحقها السوريون.
دولة العدالة والقانون دولة المواطنة والحريات لتكون في ريادة دول الشرق الأوسط وقلب العالم الذي ينبض بالحب والسلام.
لم نكتفِ بالحلم بل بدأنا بالعمل وسنستمر بالعمل حتى خلاصنا الذي نستحق.