يوميات سورية

انتهاك الخط الاحمر

عن السوريين ورغيفهم..تحطيم الأيقونة الأخيرة

بقلم : محمد عيد

لا يمكن أن نحمل الأوضاع الاقتصادية  المتردية التي يعيشها المواطن السوري على سنوات الأزمة السورية، فقط، بل أزمات السوريين، متنقلة ومتجددة، ولم تنتهي يوما ما، ففكرة  الدور الأبوي، الذي كانت تدّعيه السلطات السورية ، واستخدامه،   كشماعة لجذب انتباه الشعب المغلوب على أمره، يشبه حالة  ذر الرماد في العيون، أي اعتماد سياسة الحكومات السورية  على الإيحاء أكثر مما تعتمد على الصراحة , فلا تحاول الأخيرة ، أبداً أن تفصح عن نواياها الحقيقية  للشعب, بل تعتبر أنه  لزاماً عليها أن تذر ذلك الرماد في عيون شعبها،  وتشويش انتباه في قضايا معاشية يومية، ترهقه، وتبعده عن البوصلة الحقيقية في عملية البناء، فسابقا كثر الحديث والتصريحات  عن سياسة دعم أسعار المواد التموينية الضرورية والاستهلاكية و دعم أسعار المحروقات، إلا أن السلطات السورية بدأت تتنصل من دورها الاجتماعي في دعم احتياجات الشعب، بحجة الفاتورة العالية التي تدفعها لقاء سياسة الدعم التي تنتهجها ، فكانت قبل أي قرار تتخذه في سحب حق من حقوق المواطن السوري المشروعة، فإنها تمهد لذلك بتبريرات غير مقنعة، وتظهر بصورة الأب الراعي، ويهمه مصالح أبنائه، وتنتهج سياسة نابليون التي تقول :”إخف قبضتك الحديدية في قفاز حرير” إلا أن قفاز الحرير الذي كانت تلبسه تلك الحكومات أصابه الاهتراء، وقراراتها لا تحتاج إلى مقدمات وتبريرات لما تعلن عنه، فعورة قراراتها، لا يمكن أن تغطى، بأوراق شجر التوت المزروعة، على امتداد الوطن السوري، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بقوت الشعب السوري وهو مادة الخبز، الذي كان كثيرا ما يتصف بأنه الخط الأحمر، لا يمكن المساس به على الإطلاق، إلا  أن المواطن السوري،  يدرك تماما، أن أي قرار يصدر في الوقت الراهن عن السلطات السورية، سيعكس سلبا على حياته المعيشية، فماذا يعني هذا التبرير الذي أعلنت عنه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن  التكاليف العالية والصعوبات في تأمين القمح والدقيق نتيجة ظروف الحرب والحصار الجائر المفروض على سورية،  تم تحديد سعر مبيع كيلوغرام الخبز المدعوم دون كيس للمستهلك بمبلغ 75 ليرة سورية وسعر الربطة 1100 غرام ضمن كيس نايلون بـ 100 ليرة سورية، إذا هذا القرار يعد انتهاك جديد لخصوصية الخط الأحمر والذي يعتبر خط الدفاع الأخير في معركة  السوري،  للبقاء وتأمين رغيف الخبز لبطنه  الخاوي ، حيث أصبح  مهدد بلقمة عيشه  ومهدد بفقدان سلته الغذائية المثقوبة ، ولا يملك من حطام الدنيا إلا بعض المصادر المعيشية البسيطة، ما يعتبر  انتهاكاً جديداً  لحق جوهري من حقوق الإنسان، في زحمة انتهاكات أخرى لا تُحصى..!!

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق