على الرغم من كل أهوال المأساة التي عرفتها سوريا على مدار 11 عاماً الماضية، الوجودية والإنسانية، إلا أن القرار الدولي بإنهاء معاناة السوريين لا يزال غائباً، وإذ يحتفل قسمٌ كبيرٌ من السوريين بذكرى الثورة في مثل هذه الأيام، فإن هذا الاحتفال هو استعادة للروح الأولى للثورة، باعتبارها استنهاضاً للطاقات السورية، خصوصاً من الجيل الشاب آنذاك، في مواجهة النظام الاستبدادي الأمني، وإيمانهم بمشروعية حقوقهم في حياة أفضل، ضمن دولة قِوامها القانون، بعد أن أتت ديناميات الفساد والمحسوبية والزبائنية على مقومات الحياة.
المرحلة السلمية الأولى، انتهت بعد أشهر، وغرقت البلاد في فوضى “حرب الجميع ضد الجميع” مع دخول قوى إقليمية ودولية على خط الصراع الداخلي، وأصبحت هي الفاعل الرئيس في تحريك المشهد السوري، عسكرياً وسياسياً، في الوقت الذي كان فيه الخراب يطال بشكل متزايد وحدّي مقومات العمران والاقتصاد والرأسمال الاجتماعي والقدرة الشرائية، مع موجات من النزوح الداخلي، واللجوء إلى دول الجوار وأوروبا، في أكبر حالة تشويه للديموغرافيا في تاريخ الدولة السورية، وخسارة لا تعوّض للطاقات والكفاءات.
تعدّدت وتنوّعت أزمات ومآسي السوريين، وطالت معظم السوريين بهذا القدر أو ذاك، ونشأت معضلات جديدة، من أخطرها تقسيم البلاد بين عدد من سلطات الأمر الواقع، والتي تستقوي كل واحدة منها بحليف خارجي أو أكثر، في الوقت الذي لا تزال فيه سلطة الأمر الواقع في دمشق في حالة الإنكار لكل الحقائق الموجودة، وسدّ المنافذ أمام الحل السياسي، الذي أقرته الأمم المتحدة في قرارها 2254، كما تستمرّ المعارضات السورية في أزماتها البنيوية، وغياب أية تصورات استراتيجية لديها، مع إصابتها بالعديد من الأمراض، التي تبدو مستعصية.
في الذكرى 11 لانطلاقة ثورة السوريين، يعيد حزبنا تأكيده على مشروعية الأهداف التي انطلقت من أجلها الثورة، ويحيي الصرخات الأولى للشابات والشبّان ضد النظام الاستبدادي الأمني، كما يدين مجدداً العديد من التحوّلات التي جرت لاحقاً، من تدخل خارجي وعسكرة وتطييف وإرهاب، ويذكّر بضرورة تنفيذ القرار 2254، وهو الأمر الذي لن يتحقّق من دون ضغوط قوية داخلية وخارجية، ويتطّلب إعادة بناء جبهة واسعة للقوى الديمقراطية، فالمعركة من أجل سوريا المستقبل لا تزال طويلة.
الأمل لسوريا والسوريين..
الحرية للمعتقلات والمعتقلين في سجون سلطات الأمر الواقع
16-03-2022