حصيلة المواقف الإقليمية والدولية من التطوّرات العسكرية في شمال غرب سوريا

“حدس”- المكتب الإعلامي:
تتوالى ردود الأفعال الإقليمية والدولية بشأن تطور الأوضاع في شمال غرب سوريا، بعد تقدّم قوات “هيئة تحرير الشام” وعدد من الفصائل الأخرى، وبسط سيطرتها على أجزاء كبيرة من حلب وإدلب وتوجهها نحو محافظة حماة، أمام تراجع قوات النظام السوري، التي أعلنت أنها “تعيد انتشارها”.
الأمم المتحدة والتحذير من التقسيم
قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، إن ما يحصل هناك “علامة على الفشل الجماعي في تحقيق ما كان مطلوباً بوضوح منذ سنوات عدة”، أي تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، الصادر في عام 2015”. وحذّر في بيان له من أن القتال الدائر حاليا في هذا البلد “تترتب عنه عواقب وخيمة على السلام الإقليمي والدولي”.
وأضاف بيدرسون أن الأطراف السورية والدولية الرئيسية “بحاجة إلى الانخراط بشكل جدي في مفاوضات هادفة وجوهرية لإيجاد مخرج من الصراع”، ومن دون ذلك، تابع المبعوث الأممي، فإن “سوريا معرضة لخطر المزيد من الانقسام والتدهور والدمار”، ودعا بيدرسون الأطراف للعمل على منع إراقة الدماء والتركيز على الحلّ السياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254.
المواقف العربية تدعم وحدة سوريا ومحاربة الإرهاب
قال بيان للجامعة العربية: “تتابع جامعة الدول العربية بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا، وتؤكد على ضرورة احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية”.
وأعرب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية، جمال رشدي، عن “انزعاج السيد أحمد أبوالغيط الأمين العام إزاء التطورات المتلاحقة التي تشهدها البلاد منذ عدة أيام وتأثيراتها على المدنيين، والتي تفتح احتمالات عديدة من بينها حدوث فوضي تستغلها الجماعات الإرهابية لاستئناف أنشطتها”.
وأكد المتحدث باسم أبو الغيط “التزام الأمانة العامة للجامعة العربية بجميع عناصر الموقف السياسي من الوضع في سوريا على النحو الوارد في قرارات مجلس الجامعة بمختلف مستوياته”.
ومن بغداد، أكد رئيس الوزراء العراقي في اتصال جرى بينه مع رئيس النظام السوري بشار الأسد أن أمن سوريا والعراق هو أمن واحد، مشدداً على استعداد العراق لتقديم كل الدعم اللازم لسورية لمواجهة الإرهاب وكل تنظيماته، مؤكداً تمسُّك بلاده باستقرار سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها.
وحذر نائب رئيس الحكومة العراقية وزير الخارجية فؤاد حسين من أن “زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا يشكل تهديدا لأمن المنطقة بشكل عام”.
وقال الوزير، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية والمغتربين السوري بسام صباغ، إن “أمن العراق مرتبط بأمن المنطقة وأن العراق يتضامن مع سوريا في مواجهة المجاميع الإرهابية”. ودعا إلى أهمية تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية ومكافحة التطرف، حسب تعبيره.
أما الموقف الأردني الرسمي، فجاء بداية من خلال العاهل الأردني عبد الله الثاني، الذي أكد دعم بلاده لـ”استقرار” سوريا ووحدة أراضيها، وأفاد بيان صادر عن الديوان الملكي بأن الملك بحث في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحداث في سوريا، وأكد “وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء في سوريا ووحدة أراضيها وسيادتها واستقرارها”.
من جهته، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي موقف المملكة في اتصال هاتفي مع نظيره السوري بسام الصباغ، بحث خلاله “تطورات الأوضاع في سوريا، وخصوصا في محافظتي حلب وإدلب”.
وأكد الصفدي في بيان له “ضرورة تكثيف الجهود للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية ينهي كل تبعاتها، ويعيد لسوريا أمنها واستقرارها، ويحفظ سيادتها، ويخلصها من الإرهاب”.
الإمارات العربية المتحدة
وفي اتصال جرى بين بشار الأسد مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد أكد فيه الأخير وقوف بلاده مع الدولة السورية ودعمها في محاربة الإرهاب وبسط سيادتها ووحدة أراضيها.
مشاورات في ثلاثي أستانة
أعلن الكرملين أنه يريد أن تستعيد الحكومة السورية النظام الدستوري في منطقة حلب في أقرب وقت ممكن بعد هجوم استولت فيه الفصائل على أراض هناك لأول مرة منذ سنوات،
وذكر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن موسكو تعتبر الهجوم انتهاكا لسيادة سوريا وتريد من السلطات سرعة التحرك لاستعادة السيطرة هناك.
وأعلنت روسيا أنها ناقشت خلال مشاورات منفصلة مع إيران وتركيا الوضع “الخطير” في سوريا، بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” وفصائل حليفة لها على القسم الأكبر من مدينة حلب.
وقالت الخارجية الروسية في بيان إنه خلال مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان “أعرب الجانبان عن قلقهما البالغ حيال التطور الخطير للوضع في سوريا والمتصل بالتصعيد العسكري في محافظتي حلب وإدلب”. وأكدا “ضرورة تنسيق عمل مشترك لضمان استقرار الوضع في سوريا”.
وفي اتصال هاتفي آخر جرى بين لافروف ونظيره الإيراني عباس عراقجي، أعرب الجانبان عن “قلقهما البالغ حيال التصعيد الخطير للوضع في سوريا”. وأضافت موسكو أن “الوزيرين توافقا على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بهدف ضمان استقرار الوضع في سوريا”.
أما المواقف الإيرانية الرسمية، فقد اعتبرت أن التطورات الأخيرة جزء من مخطط إسرائيلي، وقال وزير خارجية إيران عباس عراقجي على دعم بلاده للجيش السوري بشكل حازم، بعد تحقيق مقاتلي المعارضة مكاسب ميدانية كبيرة في مناطق واسعة من حلب وإدلب، وأوضح عراقجي أن إيران تقف إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقال “سأتوجه الى دمشق لأنقل رسالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى الحكومة السورية”، وفحواها أن طهران “ستدعم بشكل حازم الحكومة والجيش السوريين”.
أما تركيا، التي يعتقد على نطاق واسع أنها داعمة للعمليات العسكرية التي تشنها “هيئة تحرير الشام”، فقد اعتمدت تصريحات مسؤوليها على صيغ حيادية، حيث قالت وزارة الخارجية التركية إن المواجهات الجديدة شمال سوريا تسببت في تصعيد جديد غير مرغوب فيه بالمنطقة، بعد سلسلة غارات شنتها القوات الجوية الروسية والسورية.
وشدّدت الخارجية التركية “إنه من المهم للغاية بالنسبة لأنقرة تجنب حالة أخرى من عدم الاستقرار وعدم تعرض المدنيين للأذى”|.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة إكس “لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية”، مشيرا إلى “التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي”.
أمريكا والتأكيد على الحلّ السياسي
أعلن البيت الأبيض أنه “يراقب الوضع في سوريا عن كثب” بعد سيطرة الفصائل على معظم مدينة حلب.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، شون سافيت في بيان: “نحن نراقب عن كثب الوضع في سوريا، وكنا على اتصال خلال الـ48 ساعة الماضية مع عواصم إقليمية”.
وأضاف المتحدث: “في الوقت نفسه، لا علاقة للولايات المتحدة بهذا الهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام وهي منظمة مُدرجة على لائحة الإرهاب. وتحث الولايات المتحدة، مع شركائها وحلفائها، على خفض التصعيد وحماية المدنيين والأقليات، وإجراء عملية سياسية جادة وموثوقة يمكنها إنهاء هذه الحرب الأهلية مرة واحدة وإلى الأبد، من خلال تسوية سياسية تتفق مع القرار الأممي 2254”.
وأردف شون سافيت: “كما سنواصل الدفاع عن الأفراد الأمريكيين والمواقع العسكرية الأمريكية وحمايتها بشكل كامل، والتي تعتبر ضرورية لضمان عدم ظهور تنظيم (داعش) مرة أخرى في سوريا”.
وأضاف أن “رفض نظام الأسد المستمر للمشاركة في العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 واعتماده على روسيا وإيران خلقا الظروف التي تتكشف حاليا، وأديا إلى انهيار خطوطه شمال غربي سوريا”.
“اسرائيل” ونغمة الأقليات
قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إنه “لا يوجد طرف جيد” في الصراع المتطور بشكل سريع داخل سوريا.
وأضاف ساعر خلال مؤتمر أمني : “من ناحية، لديك نظام يدعمه الجهاديون وهو محور الجهاديين الشيعة وإيران وحزب الله ومن ناحية أخرى، الجهاديون السنة”.
وأوضح جدعون ساعر: “إنك لا تريد حقا أن تنحاز إلى أي جانب في هذا الأمر، لأنه لا يوجد طرف جيد هنا”.
وأوضح وزير الخارجية الإسرائيلي: “أعتقد أنه من الأكثر واقعية ومن مصلحة إسرائيل أيضا تصور مستقبل سوريا كدولة فيدرالية، حيث تتمتع الأقليتان الدرزية والكردية، بالحكم الذاتي، وأعتقد أنه في هذه المنطقة أن حلفاءنا الطبيعيين الحقيقيين هم الأقليات، وينبغي أن يكون هذا هو الاتجاه الذي نتبعه”.
المواقف الأوروبية وقلق من توسّع العمليات
أعربت معظم التصريحات الأوروبية عن قلق دول الاتحاد من توسّع المعارك الحالية، وتأثيرها على المدنيين، وأبرز تلك التعليقات، جاء عبر دعوة وزارة الخارجية الألمانية جميع الأطراف إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وأكدت الوزارة، في بيان صادر عنها في برلين، “ضرورة حماية السكان المدنيين والبنية التحتية المدنية”.
وأضافت الوزارة أنها تتابع عن كثب التطورات السريعة في شمال غرب سوريا، و”تؤكد ضرورة التوصل إلى حل سياسي يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.