بوتين “يجوع سوريا”.. وخطة بايدن للتدخل

تدعم روسيا منذ سنوات الرئيس السوري، بشار الأسد، بقواتها ومستشاريها العسكريين، في قتاله ضد قوات المعارضة حتى حقق انتصارات متتالية، وأثناء ذلك عملت على تعطيل وصول المساعدات للمدنيين، وهي الآن تسعى لإنهاء هذه المساعدات تماما.
الكاتبان تشارلز ليستر، وجيفري فيلتمان، في موقع بوليتيكو كشفا في تقرير مطول خطة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ، لإغلاق آخر معبر يتيح وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاجها ملايين السوريين.
ودعا الكاتبان الولايات المتحدة إلى العمل لإفشال هذه الخطة في مجلس الأمن الدولي، في يوليو المقبل، عندما يتم التصويت على تمديد عبور المساعدات عبر معبر باب الهوى في شمال غرب سوريا، حيث يعيش نحو 3.4 مليون شخص.
ويقول التقرير إن العنصر القتالي في الحرب السورية معروف جيدا “لكن استغلال روسيا لنفوذها الدبلوماسي في الأمم المتحدة لتعزيز استراتيجية الحصار والتجويع غير معروف”.
ومن خلال منع ملايين الأشخاص من الحصول على المساعدات الضرورية، تسعى روسيا إلى هدف واحد فقط، “هو إجبار السكان على الاستسلام لنظام أطلق النار عليهم وقصفهم وقصفهم بالغاز لمدة 10 سنوات”.
ويشير التقرير إلى أن إغلاق المعبر الوحيد سيؤدي حتما إلى كارثة إنسانية، وينقل عن منسق مساعدات الأمم المتحدة، مارك لوكوك، في إحاطته لمجلس الأمن الدولي إن التدخل الروسي في الصيف من شأنه أن “تتحول الأزمة الإنسانية في شمال سوريا من مروعة إلى كارثية”.
ويقول التقرير إن واحدا من كل ثلاثة أطفال في تلك المنطقة حاليا يعانون من سوء التغذية الحاد وتظهر عليهم علامات التقزم، والأحوال المعيشية تدهورت بشكل مطرد منذ أن اقتصرت المساعدات على هذا المعبر قبل سبعة أشهر.
ويوضح التقرير أن استهداف روسيا وقوات النظام السوري للبنية التحيتية في المنطقة مؤخرا، رغم اتفاق وقف إطلاق النار، يبدو أنه حملة “متعمدة وموجهة من أجل زيادة تدهور الظروف المعيشية، ربما استعدادا لوقف المساعدات في يوليو وهجوم عسكري شامل”.
تعطيل المساعدات
الأمم المتحدة كانت قد بدأت في إرسال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود، في عام 2014، من خلال أربعة معابر حدودية مع تركيا والعراق والأردن، وكانت ترسل ما يكفي من الغذاء والماء وحليب الأطفال والأدوية واللقاحات وتوفر المأوى للنازحين
وبحلول يناير 2021، تم تسجيل وصول حوالي 44 ألف شاحنة مساعدات إلى مناطق المعارضة عبر هذه المعابر، رغم محاولات نظام الأسد بشتى الطرق إيقاف وصولها.
ومع تراجع قوات المعارضة في حربها ضد الأسد، بدأت روسيا في قطع وصول المساعدات بشكل تدريجي إلى تلك المناطق، من خلال حق الفيتو الذي تملكه في مجلس الأمن.
وبحلول يوليو الماضي، أصبح باب الهوى هو المعبر الوحيد المسموح به رسميا، وهو أدى إلى زيادة الضغط عليه، مع زيادة الطلب على المساعدات الإنسانية خاصة مع انتشار فيروس كورونا.
في يوليو الماضي، كانت روسيا وبدعم صيني في مجلس الأمن، قد وافقت على السماح بتشغيل المعبر لمدة 12 شهرا، تنتهي في يوليو 2021.
ويمنح مجلس الأمن لروسيا نفوذا على إيصال المساعدات بشكل لا يتناسب مع مساهماتها فيها، فهي تساهم فقط بنحو 1 في المئة، في حين تمول الولايات المتحدة وأوروبا أكثر من 90 في المئة من جهود المساعدات التي تبذلها الأمم المتحدة لسوريا.
ومع ذلك، فإن حق النقض الروسي في الأمم المتحدة “يمنح بوتين سلطة كبيرة لجعل الأمم المتحدة رهينة وربما قطع وصول المساعدات تماما”.
ويقول المقال إنهم “إذا نجحوا في وقف تمديد تشغيل المعبر، سيقطعون مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود تماما، وسيقطعون شمال غرب سوريا عن المجتمع الدولي، ومن أي شكل من أشكال المساعدة”
تدخل بايدن
في الأسابيع الماضية، أكد مسؤولو الإدارة الأميركية عزمهم الضغط على روسيا في الملف السوري. وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أكد، الأربعاء، ضرورة “محاسبة روسيا على أفعالها المتهورة”.
كان الوزير أيضا قد صرح بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لبدء الصراع السوري بأنه ناقش مع نظرائه الأوروبيين أهمية الحاجة إلى مساعدات إنسانية للمدنيين السوريين ومساءلة نظام الأسد.
سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ليندا توماس- غرينفيلد، أكدت في جلسة إحاطة لمجلس الأمن حول سوريا، دعم واشنطن لتوسيع آلية المساعدات للشعب السوري.
ويرى تقرير “بوليتيكو” إنه خلال الأشهر المقبلة، ستتاح للرئيس جو بايدن “فرصة لاستعادة التدفق غير المقيد للمساعدات الإنسانية إلى ملايين المدنيين عبر شمال سوريا الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة أكثر من أي وقت مضى”.
ولتحقيق هذه الغاية، سيتعين على بايدن وإدارته بذل “جهود حازمة لتحويل المسار السوري في مجلس الأمن” قبل يوليو.
ورغم النفوذ الروسي في مجلس الأمن، لدى الولايات المتحدة وأوروبا النفوذ أيضا، فالجبهتان تسطيعان التوعية المستمرة بأهمية الحاجة إلى المساعدات والعواقب الوخيمة لتصرفات روسيا.
ويمكن للولايات المتحدة عقد اجتماعات في المجلس بشكل غير رسمي، في الأسابيع والأشهر القادمة، ومن شأن ذلك أن يمنحها منبرا للتحدث عن أهمية تسليم المساعدات.
ويقول الكاتبان إنه يجب عل بايدن تولي هذا الملف بنفسه، جنبا إلى جنب مع بلينكن، وسيتعين عليهما الضغط المتواصل في الفترة التي تسبق التصويت في يوليو.
ودعا المقال بايدن إلى التحدث مع بوتين بشكل مباشر وإجراء مفاوضات وزارية لنقل التصميم الأميركي على أهمية هذه القضية.
وقال التقرير إن الرئيس الروسي لن يأخذ الأمور على محمل الجد إذا لم تتم بهذا المستوى، مشيرا إلى أن بوتين وافق على إيصال السماعدات عبر الحدود في 2014 عندما تدخل الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما.