
ا
رأى الكاتب ديفيد ليش في مقال نشرته شبكة “سي أن أن” الأميركية، أن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن مهتمة باعادة الحوار مع النظام السوري.
وتحت عنوان “يجب على الولايات المتحدة التعامل مع الأسد” قال ليش: “هناك شبكة من العقوبات الدولية، وأهمها قانون “قيصر” الذي أقره الكونغرس، وسلسلة من القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة ضد النظام السوري. والسؤال هو عن موافقة إدارة بايدن على عقد حوار مفتوح مع حكومة معزولة بشكل كامل إن لم تكن محلاً لسخط الغرب. ويضيف الكاتب: “هذا سؤال من الصعب الإجابة عنه، وصدقوني، أفهم هذا وأجد صعوبة أنا نفسي في الدعوة لأي نوع من الحوار مع من تلوثت أيديهم بالدماء”، مضيفا أنها “كانت حربا أهلية مميتة وقاتلة، حيث تلوثت أيدي الكثيرين في سوريا بالدم”.
وذكّر الكاتب بأنه التقى مع رئيس النظام السوري بشار الأسد أكثر من مرة في الفترة 2004- 2009، حيث كان يعد كتاباً عن حياته، ولعب دوراً غير رسمي كمنسق بين الولايات المتحدة والنظام، عندما توترت العلاقات بين البلدين. ولهذا فقد قابل عدداً من المسؤولين السوريين وأقام علاقة مع الأسد.
ويؤيد ليش “نهجاً خارجياً أكثر واقعية”، قائلاً: “إن السياسات الخارجية في كثير من الحالات منفصلة عن “حتمية أخلاقية” بالظروف التي من الأسهل لشخص القبول بها في حال اقتناعه بأن هناك “خيراً أكبر على المحك”.
وتابع: “حسب رأيي، قد يجلب حوار متفاوض عليه ومركب بدقة بين الولايات المتحدة وسوريا منفعة متبادلة لكلا الطرفين”.
ورجح ليش أن النظام مهتم بذلك أكثر، موضحاً أن النظام التي يواجه مهمة إعادة إعمار اقتصاده المدمر خلال الحرب يحتاج إلى تخفيف العقوبات المفروضة من قبل الإدارة الأميركية ضمن “قانون قيصر”. لكن الولايات المتحدة بدورها ستستفيد أيضاً، حسب رأي كاتب المقال، من هذا الحوار، لأن استقرار سوريا يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لواشنطن.
وأوضح المقال أن لدى سوريا حدوداً مشتركة مع حلفاء واشنطن، إسرائيل والأردن وتركيا، ودولتين أصبحتا على وشك الانهيار، وهما لبنان والعراق، محذرا من أن أي تأثير مزعزع من سوريا قد تكون “القشة الأخيرة” بالنسبة للوضع الداخلي هناك.
وأضاف أن إيران تتمتع بتأثير كبير في سوريا إلى جانب روسيا، وتركت بصماتها في البلد من خلال الجماعات الموالية لها، وضاعف حزب الله وجوده في البلاد بشكل كبير. وهو يمثل تهديداً لإسرائيل وهو الجماعة التي يمكن أن تشعل حرباً إقليمية، وعليه فإن تخفيف الوجود الإيراني سيكون من مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها. واعتبر الكاتب أنه من غير المرجح أن ترفع الولايات المتحدة كل عقوباتها عن سوريا أو يطرد النظام السوري الإيرانيين بالكامل من أرضه، لكن إمكانية الحد من تواجد “حزب الله” في سوريا مقابل التخفيف التدريجي للعقوبات المفروضة على أمور مثل تصدير المعدات المطلوبة لإعادة الإعمار يبدو خياراً ممكنا وقد يحسن قليلاً الوضع المأساوي في البلاد.
وذكر المقال أن هناك مسؤولين في إدارة بايدن التي من المتوقع أن تحدد سياستها إزاء سوريا في غضون الأشهر القليلة القادمة، “يرغبون في مواصلة الضغط على الأسد ما لم يتم الإطاحة به، لكن هناك مسؤولين آخرين يؤمنون بهذا النهج الأكثر واقعية المتمثل بصيغة “شيء مقابل شيء”.
وحتى الآن لم تقدم إدارة بايدن سياستها المتعلقة بسوريا، وهو أمر قد يحدث في الأشهر المقبلة، ذلك أنها لا تزال في مرحلة إعادة مراجعة وتقييم الوضع. وكإدارة جديدة فستنتهي سياساتها في عدد من القضايا الخارجية للاندماج معا. وهناك في داخل إدارة بايدن من يعارض مكافأة “مجرم الحرب” الأسد بتخفيف العقوبات ويحبذون استمرار الضغط عليه حتى يسقط.
وفي المقابل، رأى الكاتب أن هناك من يؤمنون بنهج واقعي، أي وجود مساحة للتبادل، عندما يتعلق الأمر بتوفير المساعدات الإنسانية للسكان الذي يعانون. وبعد انتصاره في الحرب وحصوله على فترة سبع سنوات أخرى في السلطة، فقد أصبحت سلطة الأسد محصنة، في المستقبل المنظور، وفق قوله. وقال: “وعليه، فلا أمل في المحاسبة أو تحقيق العدالة الانتقالية، على الأقل في الوقت الحالي”.
ووجه ليش نداء إلى الأسد مخاطباً إياه بالقول: “الوقت قد حان لفعل كل ما يمكن للقاء مع إدارة بايدن على أي أرضية مشتركة”، مذكراً باحتجاز الصحافي الأمريكي أوستن تايس الذي اختفى في سوريا عام 2012. ويعتقد البعض أنه لا يزال على قيد الحياة، ولا يوجد ما يدعو للاعتقاد عكس ذلك. ولم يعترف النظام السوري بأنه موجود لديه، وبحسب رأيه فإنه لن يتم التقدم باتجاه العلاقات الأميركية-السورية من دون اعتراف النظام وتعاون وتقديم معلومات موثوقة حول أوستن تايس، “عندها يمكن أن تنحرف سياسة بايدن باتجاه هذا المسار، حتى لو ظلت السياسة الأمريكية الرسمية هي رحيل الأسد وتشكيل حكومة انتقالية بدلا منه”.