أخبار سورية

مقاتلون  و”أهالي شهداء” نادمون على التضحيات في صفوف الجيش والأمن

 
يشعرون بخديعة “النظام” لهم وكذب وعوده

نعوش ضحايا هجوم حمص أمام المستشفى العسكري في المدينة (رويترز) … وفي الإطار قريبات لأحدهم خلال تشييعهم أمس (أ.ف.ب)

 
 الساحل السوري- (حدْس):  

كذبوا علينا، خدعونا، سرقوا منا حياتنا، ضحّوا بنا من أجل بقائهم في السلطة، لو عرفنا مسبقاً أن الذل والفقر والشقاء هو ثمرة وقوفنا إلى جانبهم ما ذهبنا أبداً إلى القتال.

  عباراتُ ندمٍ و استهجان و ندب حظوظ أضحت شائعة هذه الأيام بين شباب ورجال قاتلوا يوماً في صفوف قوات “الجيش العربي السوري”، خصوصاً من أبناء مدن الساحل السوري وأريافها،  و بين أسر و عوائل كانت تفتخرُ و تزهو بإنجازها، إذا ما أتاهل يوكاً نبأ “استشهاده”، لتعود اليوم، وبعد مرور سنوات، لتندبه باعتباره ضحية وليس بطلاً أو “شهيداً”، في طاحونة معارك، الهدف منها بقاء النظام في السلطة، وليس اتلمحافظة على الوطن، أو تبكي عليه جريحاً طريح الفراش لاحول ولاقوة له،  ينتظر من يحنو و يشفق عليه بطعام ودواء،  بعدما كان عزيزاً مكرماً لحين من الزمن.

وعود النظام التي أطلقها منذ بداية الأزمة وشاعها بين جمهور مؤيديه عن نصرٍ مؤزر وفوز عظيم ينعمُ به كل من سيقف إلى جانبه ويقاتل من أجله ذهبت أدراج الرياح، نتيجة جملة من العوامل، لعل أبرزها تردي الأوضاع الاقتصادية التي وصلت إلى مستويات كارثية لم تعهدها البلاد من قبل، مصحوبة بانتشار حالات العوز والفقر المدقع في مناطق سيطرة المظام، والفساد الذي استشرى على نحو فاضح و فظ في مؤسسات الدولة،  بالتوازي مع ظهور طبقة من فاحشي الثراء والمترفين من تجار أزمة وأمراء حرب، يعملونَ ضمن نطاق الحلقة المحيطة برموز النظام الحاكم وقياداته، وهذا ما أدى مع الوقت إلى تغيير واضحٍ وملحوظ في أنماط تفكير سادت لزمن طويل، نواتها الولاء الأعمى الذي لايقبل النقد والشك ( القيادة حكيمة و أوسع نظر )، و قناعات ومواقف مشوهة عن الوطن و الوطنية (سورية الأسد )، إذ لم يعد هناك من يتبناها ويجاهر بها علناً.

فالجيش وأجهزته الأمنية لم يعودا كسابق عهدهما في مطلع السنوات الأولى للانفاضة السورية، قبلةَ الشباب المتحمس للعمل بدخل مستقر،  يختصرُ عليه مشقة الدراسة ومعاناة البحث عن فرصة عمل ملائمة له، و الطامحُ إلى مكانة اجتماعية يحقق بها ذاته، د تؤكده الأعداد الكبيرة من حالات الفرار من الخدمة في الجيش والأمن، والذي لم يقتصر على المجندين قسراً بل شمل ضباطً وصف ضباط متطوعين، ما دفع النظام إلى اصدار سلسلة من مراسيم العفو عن الفرار الداخلي والخارجي، وعن المتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والإحتياطية لسد النقص الحاصل لديه لكن دون جدوى ، فالخلاص من سعير الخدمة العسكرية أصبح هاجساً يؤرق كل الشباب، وسبلهُ سواءً بالفرار أو بالبدل النقدي أو الإعفاء الطبي… خيارات مطروحة دوماً أمام شباب لم تعد تستهويهم الشعارات والخطابات الرنانة،  

دأب النظام منذ سنة تقريباً على بث إعلانات عبر قنواته الإعلامية عن عقود تطويع في الجيش ( عقد مقاتل) لسنوات محددة سلفاً برواتب مرتفعة نسبياً، إضافة إلى مزايا مشجعة من قروض ميسرة و عطايا،  والمستهدف هذه المرة هو الشباب الصغير الذي لم يخدم مسبقاً في الجيش، فمنذ أشهر قليلة أعلنت وزارة دفاع النظام انها بصدد إعادة بناء الجيش من جديد، وفق أسس حديثة نوعية، وتزامن هذا الإعلان مع إصدار قرارات عن تخفيض مدة الخدمة الاحتياطية وقرارات تسريح متسارعة للدورات القديمة.

 و خلال تلك الفترة، قامت وزارة دفاع النظام بإرسال تعاميم إلى وحدات الجيش و الأفرع الأمنية التابعة لها عن امكانية تقديم صف الضباط المتطوعين طلبات تسريح بغض النظر عن المدة الزمنية التي قضوها في الخدمة مع شرح الأسباب الموجبة لهذا الطلب،  ولكن ماحصل أنه بعد فترة وجيزة سارعت وزارة دفاع النظام بإعادة سحب هذا التعميم،  بعدما فوجئت بحجم طلبات التسريح المقدمة لها، والتي فاقت المسموح به بكثير،  وخصوصاً من الأفرع الأمنية التي تعتمد أساساً على المتطوعين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق