أخبار سورية

موجة العودة “الإجبارية” إلى سوريا تحت وقع الضربات الإسرائيلية للبنان

رافقتها مخاوف الاعتقال والتجنيد الإجباري ودفع الإتاوات

تجمع العائدين من لبنان عند معبر جديدة يابوس “الصورة/ مواقع إلكترونية”

“حدْس”- مجد إبراهيم:

شكّل لبنان خلال الحرب السورية ملاذاً اضطرارياً لفئات كثيرة من السوريين، الذين فرّوا من بلدهم، هرباً من القصف والمعتقلات والقتل، وعلى الرغم من صغر مساحة لبنان، وقلة موارده، ومشكلاته السياسية الداخلية، إلا أنه كان أفضل بما لا يقاس بالنسبة للسوريين الذين قصدوه، ليكونوا بمأمن من ويلات ما يجري في بلدهم.

لكن، منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، مع بدء الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية في بيروت، واغتيال قادة “حزب الله”، شهدت الحدود السورية اللبنانية، موجة نزوح معاكسة هذه المرة، من لبنان نحو الأراضي السورية.  

مع بدء هذه الموجة من النزوح، راحت تتكّشف مفارقاته العديدة والغريبة، فحال اللبناني المتوجه إلى سوريا، لا تشبه حال السوري، المثقل بخوف وقلق يتزايدان، مع كل خطوة تحمله نحو بلده، وهو يستعيد مشاهد لا تزال تمكث في الذاكرة من رحلة اللجوء إلى لبنان، الذي استقبل حوالي 1.5 مليون لاجىء سوري، بحسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.  

 عبر مختلف المعابر الحدودية بين البلدين، لا سيما معبر “جديدة يابوس” في ريف دمشق، توافد آلاف اللبنانيين والسوريين المقيمين في لبنان  إلى مناطق متفرقة من سوريا، حيث أشار مسؤولون في حكومة النظام السوري لوسائل إعلام محلية، إلى وجود تنسيق مع المنظمات الخيرية وغير الحكومية لتقديم الخدمات الضرورية “للوافدين”.

بينما أعلنت الجهات الرسمية عن تجهيز محافظات طرطوس  وحمص ودمشق بعدد من مراكز الاستقبال للوافدين، إضافة إلى وضع المستشفيات العامة في المناطق الحدودية في حالة جهوزية تامة لاستقبال الجرحى، كما تنشط فرق الهلال الأحمر السوري على المعابر الحدودية مع لبنان لتقديم الخدمات الطبية وتوزيع المواد الغذائية والمياه، كما خصصت “خطوط ساخنة” للتواصل والإبلاغ عن وجود وافدين بحاجة إلى مساعدات إغاثية وإنسانية في مختلف المحافظات، بحسب ما جاء في منشوراتها على صفحة الهلال الأحمر في الفيسبوك.

وفي الوقت نفسه، أطلق عدد من السوريين مبادرات فردية وجماعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتأمين مساكن وطعام ودواء وغيرها من احتياجات ضرورية للوافدين اللبنانيين.

من جهتها، علّقت الحكومة السورية العمل بقرار إلزام السوريين ومن في حكمهم القاضي بتصريف 100 دولار بالسعر الرسمي، إلى الليرة السورية، عند دخولهم سوريا، من المنافذ الحدودية مع لبنان حصراً، حيث أوقف العمل بهذا القرار لغاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

عودة 20% من السوريين في لبنان   

قدّرت وحدة إدارة مخاطر الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية أن أكثر من 400 ألف شخصاً،  عبروا من لبنان إلى سوريا، غالبيتهم سوريون، في غضون أسبوعين، أي منذ أن كثفت إسرائيل غاراتها على مناطق مختلفة في لبنان، وقالت الوحدة في تقرير لها، إنه من تاريخ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، ولغاية الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، سجل الأمن العام اللبناني عبور 300 ألف و774 مواطنا سوريا و102 ألف و283 مواطنا لبنانيا إلى الأراضي السورية.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن هذا التدفق المتزايد، يؤكد ضرورة الاحتياجات الإنسانية العاجلة وسط آفاق محدودة في سوريا، حيث يكافح غالبية الوافدين الجدد، خصوصاً النساء والأطفال، من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية، وأشارت إلى أن العديد من النازحين من لبنان إلى سوريا يقيمون إما في مراكز الإيواء المحلية أو تستضيفهم المجتمعات المحلية.

وأكدت جمعيات أهلية بمناطق سيطرة النظام أنها عاجزة عن تلبية “الاحتياجات الكبيرة” للعائدين والوافدين من لبنان، لأنها من “اختصاص الهلال الأحمر”، فضلاً عن أنها تنتظر التمويل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

وفي وقت تشهد فيه تلك المناطق أزمات خدمية واقتصادية وإنسانية متفاقمة ومعقدة، أضيفت إليها أزمة غلاء إيجارات الشقق السكنية، وشحّ المحروقات، لتزيد من معاناة سكانها، حيث زادت إيجارات الشقق في دمشق وريفها بنسبة تتراوح بين 25% و100%.  

وأضحت هذه هي حال مدن وبلدات في حمص ودمشق وريفها وعدد من مناطق سيطرة النظام السوري، بعد موجة النزوح اللبناني والنزوح العكسي لآلاف العائلات السورية إلى تلك المناطق، فيما أعلنت “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا، أن عدد الواصلين من لبنان إلى مناطق سيطرتها، ارتفع إلى نحو 20 ألف شخصاً، بينهم 76 لبنانياً، ودعت  المنظمات الدولية إلى تقديم الدعم للعائدين والوافدين الهاربين من الحرب في لبنان إلى مناطقها. .

وفي ذات السياق، قالت السفارة العراقية في دمشق، إن عدد اللبنانيين الوافدين إلى بغداد عبر الأراضي السورية بلغ نحو 10.3 ألف شخص، منذ بدء التصعيد بين إسرائيل و”حزب الله”. موضحة أن عدد المغادرين من سوريا براً عبر منفذ “البوكمال- القائم” الحدودي مع العراق بلغ 8612 شخصاً، فيما بلغ عدد المغادرين عبر مطار دمشق الدولي 1680 شخصا،

مشيرة إلى أنها تستقبل الوافدين اللبنانيين الراغبين بالإقامة في العراق، من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، وبحسب السفارة العراقية، فإن جهات عراقيى، عملت على إيواء أكثر من 3000 لبنانياً في فنادق، بمنطقة السيدة زينب في ريف دمشق.  

الهاجس الأمني للعائدين

تحققت مخاوف اللاجئين السوريين العائدين من لبنان إلى سوريا، حيث استقبلتهم أجهزة الأمن وعسكر النظام السوري، بحزمة من المضايقات والاعتقال التعسفي والتجنيد الإجباري، فقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان- منظمة غير حكومية- العديد من عمليات الاحتجاز والاعتقال  عند المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا الرسمية وغير الرسمية، واقتيد معظمهم إلى مراكز الاحتجاز الأمنية والعسكرية في محافظتي حمص ودمشق. ووثَّقت الشَّبكة الحقوقية اعتقال ما لا يقل عن 9 أشخاص من اللاجئين، معظمهم من أبناء محافظة ريف دمشق.

كما أكدت مصادر أهلية ومحلية سورية، أن الأجهزة الأمنية اعتقلت لاجئين سوريين، عادوا مؤخراً من لبنان، ضمن موجة النزوح الحالية إلى سوريا.

ونقلت شبكة “السويداء 24” المحلية عن مصادر، أن الأجهزة الأمنية اعتقلت أربعة أشخاص منحدرين من محافظة السويداء جنوبي البلاد، بعد عودتهم من لبنان، بحادثتين منفصلتين مطلع الشهر الحالي. فيما نقلت عدة مصادر إعلامية، تأكيد بعض اللاجئين العائدين من لبنان إلى سوريا، أن قوات النظام السوري أجبرتهم على دفع مبالغ مالية طائلة على شكل إتاوات عند حواجزها العسكرية، مقابل السماح لهم بالعبور

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق