أخبار

مستقبل “حماس” وخياراتها بعد مقتل السنوار

“حدْس”- مجد إبراهيم:

 السؤال الأكثر إلحاحاً بعد اغتيال يحيى السنوار، قائد حركة “حماس” في غزة، يتعلق بمستقبل الحركة وخياراتها، لاعتبارات عديدة، من بينها ما مثّلته شخصية السنوار من رمزية، بوصفه المسؤول الأول عن اتخاذ قرار “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

بيان “حماس” الذي نعت فيه قائدها، قالت فيه بأن “مقتل السنوار لن يزيدها إلا قوة وتمسّكاً بثوابت الحركة”، وذكر البيان أن السنوار “استشهد في اشتباك مسلّح مع القوات الإسرائيلية في غزة”، ويبدو أن هذا التفصيل، وتأكيده في معظم تصريحات الحركة الأخيرة، أنه أكثر من ضروري، للتأكيد على استمرار عناصرها في القتال، خصوصاً أن الحركة منذ تأسيسها، فقدت عدداً من قادتها في عمليات اغتيال، وفي مقدّمتهم مؤسس الحركة نفسها، الشيخ أحمد ياسين.

مقتل السنوار، لم يأتِ من خلال عملية خاصة، بل بالصدفة، كما ذكرت تصريحات الجيش الإسرائيلي، ومن الناحية السياسية، فقد اختلفت الأراء في إسرائيل نفسها، حول مستقبل العملية التفاوضية على الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى “حماس”، خصوصاً أن السنوار كان يشكّل ضامناً لوحدة القرار الميداني، حيث توجد خشية من بعض المحللين العسكريين الإسرائيليين بأن يصبح التفاوض بعد مقتل السنوار مع كل قائد ميداني على حدة، من القادة الذين يحتجزون رهائن، وبالتالي، صعوبة إبرام صفقة شاملة.

مواقف دولية متفائلة  

وفيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مقتل السنوار يشكل “علامة فارقة”،  لكن الحرب لم تنتهِ بعد، وإن القتال سيستمر حتى استعادة المحتجزين لدى “حماس”، تعالت الأصوات الدولية الداعية إلى العمل على إنهاء الحرب في غزة التي دخلت عامها الثاني، حيث أعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن إن مقتل السنوار يشكّل فرصة أمام “إطلاق مسار للسلام” في الشرق الأوسط و”مستقبل أفضل في غزة بدون حماس”، بينما أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس،  عن أمله في أن يفتح مقتل السنوار الباب أمام وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين.

وقالت كاملا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي إن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”،  على يد إسرائيل، هو خطوة للأمام، فيما يتعلق بالقضاء على التهديد الذي تمثله الحركة على إسرائيل”.

وعلى الضفة لأخرى، رأت إيران، على لسان مرشدها الأعلى علي خامنئي،  أنّ حركة “حماس حية وستبقى حية”،

وقال خامنئي في بيان إنّ “خسارته مؤلمة بالتأكيد لجبهة المقاومة” ضد إسرائيل، “ولكنها لن تتوقف أبداً مع استشهاد السنوار”.

فراغ يصعب تعويضه

توقعات عدد من السياسيين والمحليين الفلسطينيين، رأت أن اغتيال السنوار “أقسى ضربة” تعرّضت لها الحركة منذ تأسيسها، متحدثة عن “فراغ يصعب تعويضه”، وتوقعت أن يترك الاغتيال بصماته على الوضع الحالي في القطاع، ومصير الحركة نفسها، وربما المواجهة الإقليمية الأوسع بين إيران وإسرائيل.

لكن حركة “حماس”، قلّلت من أهمية هذا الغياب لقائدها، حيث قال باسم نعيم، عضو المكتب السياسي للجماعة ومقره قطر، إن إسرائيل قتلت قادة آخرين لحماس، بما في ذلك زعيمها المؤسس الشيخ أحمد ياسين، وخليفته عبد العزيز الرنتيسي، عام 2004، واغتالت اسماعيل هنية في طهران، لكن “حماس أصبحت في كل مرة أقوى وأكثر شعبية، وأصبح هؤلاء القادة رمزًا للأجيال القادمة”.

خيارات الحركة والرؤية الإسرائيلية

على الرغم من تلقي يحيى السنوار عروضاً عدة من زعماء عرب، لمغادرة غزة، لكنه رفض الخروج، لأن خروجه كان سيعني من الناحية العملية إضعافاً للمقاتلين في الميدان، والذين تلقوا منذ عام ضربات تنظيمية وعسكرية قوية، خصوصاً أن الردّ الإسرائيلي على “طوفان الأقصى”، ذهب نحو حالة إبادية لأهل غزة وللبنى العمرانية والخدمية والإدارية والمرافق العامة، وأوجد مزاجاً شعبياً وازناً، ينظر إلى “طوفان الأقصى” على أنه مغامرة عسكرية غير محسوبة، ومقامرة بحياة المدنيين في غزة، حيث قضى أكثر من 42 ألف مدنياً خلال الحرب، الأمر الذي يجعل من شعبية حماس أمراً مشككاً به.

وإذا كان السنوار، في السنوات الأخيرة، قد أصبح محسوباً على التيار الإيراني داخل الحركة، فإن مقتل السنوار، قد يدفع الحركة إلى اتخاذ مسافة من سياسات إيران، لإعادة موضعة نفسها في الساحة الفلسطينية، خصوصاً أن إسرائيل بعد تدميرها لغزة، واستكمال حربها ضد “حزب الله” في لبنان، وجهت ضربة موجعة لإيران نفسها، عبر إضعاف ذراعها في لبنان، بشكل كبير، ما يعني تراجعاً في عموم النفوذ الإيراني، وبالتالي، فإن مستقبل الحركة مرهون إلى حد كبير بطبيعة موقفها وعلاقاتها المستقبلية مع إيران.

وبما يخصّ مستقبل غزة، أو ما بات يعرف ب”اليوم التالي”، فإنه من الواضح أن هناك توافق إقليمي ودولي على منع “حماس” من لعب دور فاعل، ودفع السلطة الفلسطينية لملء الفراغ،  ولعب دور رئيسي، بالتنسيق مع قيادت ووجهاء محليين من داخل القطاع.

وبغض النظر عن خليفة السنوار في قيادة الحركة، أكان خالد مشعل أو خليل الحية، أو شخصية من الظل غير معروفة بشكل كبير، أو حتى اختيار قيادة جماعية، فإن مستقبل الحركة مرهون بعوامل عديدة، من أهمها، قدرة الحركة على ترميم نفسها في غزة، تنظيمياً وعسكرياً، وطبيعة الصفقة التي ستبرمها مع إسرائيل لإطلاق سراح الرهائن لديها، والموقف من إيران، ومدى قبولها التحوّل إلى حزب سياسي غير مسلح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق