الموالون للنظام وانكشاف وهم الردع ضد إسرائيل
مجد إبراهيم
منذ بدء الانتفاضة في سوريا، و مسلسل الإعتداءات “الإسرائيلية” على أراضيها، والمستهدف كان ولا يزال هو الوجود الإيراني في سوريا وأنشطته العسكرية التي تعتبرها “إسرائيل” تهديداً فعلياً لأمنها ووجودها.
معتمدة على تفوق سلاحها الجوي، عمدت “إسرائيل” طوال مدة الحرب في سوريا، وخلال فترات مختلفة، على توجيه ضربات مركزة لمواقع مختلفة في عدة محافظات سورية من دير الزور ودرعا وحلب وريف دمشق، حيث تواجدت المليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني، أو التي تأتمر بأوامره، من مثل فيلق القدس والمليشيات العراقية وعناصر حزب الله اللبناني، كما كانت شحنات الأسلحة المهربة من إيران عبر سوريا إلى مليشيا حزب الله اللبناني عرضة أيضاً للاستهداف الإسرائيلي.
ومن بين الأهداف أيضاً التي طالتها صواريخ الطائرات الحربية مطارات المدن الرئيسية، تحديداً مطاري دمشق وحلب الدوليين، اللذين تكرر خروجهما من الخدمة بعد كل اعتداء جوي عليهما، إضافة إلى مطاري المزة والشعيرات العسكريين. ومراكز البحوث العلمية التي تتبع وزارة الدفاع السورية، مع معرفة توزع هذه المراكز على الخريطة السورية، بدءاً من مركز البحوث العلمية في برزة و جمرايا ومركز البحوث العلمية في مصياف بمحافظة حماة، وما يجري فيها كما تروج “إسرائيل” من تطوير وتحديث لأسلحة حربية وكيماوية وأنظمة صاروخية، تحت إشراف مستشارين إيرانيين، وقد بقيت مراكز البحوث أهدافاً، معدل استهدافها أكبر، مقارنة بغيرها من الأهداف الأخرى. إضافة إلى ذلك قامت “إسرائيل” بعمليات خاصه تندرج ضمن إطار الاغتيالات والاستهداف الخاص لشخصيات فلسطينية وإيرانية وأخرى تتبع لحزب الله اللبناني، خصوصاً في مدينة دمشق، التي شهدت تصعيداً كبيراً في السنوات الأخيرة، من حيث عدد الهجمات من هذا النوع ومستوى المستهدفين، كان أخرها استهداف مستشارين إيرانيين رفيعي المستوى في ملحق السفارة الإيرانية بدمشق في الأول من أبريل/ نيسان 2024. كما شرعت “إسرائيل” معتمدة على معلوماتها الاستخباراتية بعمليات قصف استباقية لعقارات و مواقع يمكن استخدامها مستقبلاً لأغراض عسكرية، وهذا ماحدث قبل سنوات في محافظة طرطوس، عندما قصفت مهاجع فارغة معدّة لتربية الدواجن، بعد أن انتقلت ملكيتها إلى شخصية محسوبة على إيران.
أما رد فعل النظام السوري على هذه الاعتداءات، فقد بقي دائماً ضمن دائرة التهديد والوعيد الشفهي، من دون تسجيل أي ردّ فعلي، باستثناء خبر تصدي الدفاعات الجوية لها، وإسقاطها لعدة أهداف، فعبارة رأس النظام السوري المشهورة بعد كل اعتداء “إسرائيلي”: “سوف نرد في الزمان والمكان المناسبين”، وما يليها من تصريحات وزارة الخارجية المقتصرة على الشجب والتنديد والرسائل المتطابقة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، تحولت مع مرور الزمن إلى عبارات مبتذلة تستجلب السخرية والتهكم و الخيبة من كل ألوان الطيف السوري على مختلف ولاءاته، ميدانها طبعاً مواقع التواصل الإجتماعي، التي تضج مع كل خبر جديد من مسلسل الإعتداءات “الإسرائيلية” على سوريا.
وإذا كان السوريون المنتفضون على النظام، على الرغم من تباين انتماءاتهم، قد كفّوا منذ عام 2011 عن تصديق رواية النظام بإمكانية الردّ على الهجمات الإسرائيلية، فإن الموالين له، أو المحسوبين عليه، قد اقتعوا في الآونة الأخيرة أن النظام ليس في مقدوره الردّ على الهجمات الإسرائيلية، ولو من باب حفظ ماء الوجه، وأكثر من ذلك، فقد أيقنوا أن النظام لا يمتلك فعلياً قرار الردّ، الذي أصبح بيد حليفيه الروسي والإيراني.
قد يقول قائل، إن فقدان النظام لقراره الخارجي منذ سنوات أمر معروف، وليس بحاجة لتذكير، وهذا صحيح بالنسبة لقسم كبير من السوريين، أما من كانوا مقتنعين بسرديات النظام الداخلية والخارجية، أو من أرسلوا أبنائهم ل”القتال ضد الإرهابيين”، فهذا وهم جديد يسقط، كما بدأت تسقط أوهام أخرى بالنسبة لهم، ليس أقلها بأن ما قدموه من تضحيات، من “شهداء” وجرحى ومعاقين وأوضاع معيشية بائسة، كان الهدف منه تأبيد سلطة وثروة أقلية حاكمة، وليس له أي علاقة ب”السرديات الوطنية” للنظام.