أخبار سورية

القطاع الزراعي السوري: من الاكتفاء الذاتي إلى الاستيراد وانهيار مقوّمات الإنتاج

“حدس”-المكتب الإعلامي:

مقدمة:  

يعدّ القطاع الزراعي في سوريا عنصرا أساسيا من عناصر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وكان القطاع في عام 2010 يسهم بحوالي 17.6 من الناتج المحلي الإجمالي، ويشتغل به أكثر من 900 ألف، أي حوالي 17% من مجموع القوى العاملة في البلاد آنذاك، لكن واقع القطاع شهد تغيّرات كثيرة منذ عام 2011، خصوصاً أن الحركة الشعبية المناهضة للنظام، ومن ثمّ تحوّل قسم كبير منها إلى ساحة معارك، كانت مجملها في الريف السوري، ما أدى إلى خروج مساحات كبيرة من دائرة الإنتاج الزراعي، أضف إلى ذلك، تراجعت قدرة مؤسسات النظام المرتبطة بالقطاع على تقديم الدعم اللازم للفلاحين، وفيما بعد ضاعفت العقوبات المفروضة على البلاد من أزمة مجمل العمليات التي يحتاجها القطاع الزراعي، الذي يشهد نقصاً كبيراً في المعدّات، وقطع غيار الآلات الزراعية، والأسمدة والمبيدات الحشرية، وغيرها من اللوازم الضرورية.  

وتقدر قيمة الخسائر الناتجة عن تضرر القطاع الزراعي  بنحو 16 مليار دولار أمريكي، حيث تقدر قيمة الأضرار التي لحقت بالأصول الزراعية ووسائل الإنتاج من معدّات ومزارع وعيادات بيطرية وحظائر الحيوانات والبيوت البلاستيكية وأنظمة الري بأكثر من 3 مليارات دولار أمريكي، أما الخسائر التي لحقت بإنتاج المحاصيل فتقدر بنحو 6.3 مليار دولار أمريكي، وفي قطاع الماشية قدّرت الخسائر بنحو 5.5 مليار دولار أمريكي، وحوالي 80 مليون دولار في قطاع تربية الأسماك.

وبحسب “الفاو” منظمة الأغذية والزراعة العالمية التابعة للأمم المتحدة، فإن إعادة بناء قطاع الزراعة في سوريا، يحتاج إلى ما لا يقل عن 10.7 إلى 17.1 مليار دولار أمريكي.

وتبلغ المساحة القابلة للزراعة مع مساحة الغابات حوالي 6.5 مليون هكتاراً، من مجموع مساحة سوريا، التي تبلغ 18.5 مليون هكتاراً، وهو ما يشكل 32.8 % من المساحة الإجمالية للبلاد.

 وعلى الرغم من التحسن النسبي في الوضع الأمني في السنوات الأخيرة، لا تزال سوريا بعيدة  عن تحقيق مستوى الأمن الغذائي، بأرقام ومعطيات عام 2010.

وبيّن برنامج الأغذية العالمي إن نحو 12.1 مليون شخصاً في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ما يجعل سوريا من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم.  

تراجع إنتاج القمح والاستيراد من روسيا وإيران

تعدّ المحاصيل الزراعية الصناعية الرئيسية المتأثّر الأكبر في القطاع الزراعي السوري، قياساً بالمحاصيل الأخرى جراء الحرب، ويعدّ القمح من المحاصيل الاستراتيجية السورية التي تسعى الحكومة إلى زيادة إنتاجها، لتغطية الاحتياج المحلي الذي تراجع من معدل ثلاثة ملايين طن في العام إلى نحو 750 ألف طن.

وتقوم حكومة النظام بتعويض النقص عبر الاستيراد من روسيا وإيران. ولتخفيف التسديد بالعملة الأجنبية، تقوم بمبادلة الأقماح السورية القاسية المرتفعة الثمن، والمطلوبة لعدة صناعات غذائية، بالأقماح الطرية الرخيصة التي راحت تستخدمها لصناعة الخبز الحكومي.

وتتخوف الحكومة من مخاطر ارتفاع أسعار القمح عالمياً، وصعوبات النقل والتجارة في ظل العقوبات الدولية والاضطرابات في المنطقة.

وازدادت حدّة التنافس بين دمشق والإدارة الذاتية، شمال شرقي البلاد، على شراء القمح في محافظة الحسكة، التي تنتج نحو 70% من القمح السوري، حيت تتطلع دمشق إلى تخفيض مستورداتها من القمح. في حين تشير معطيات عن احتمال وصول إنتاج مناطق الإدارة الذاتية في محافظة الحسك إلى 1.5 مليون طن، حيث تعدّ محافظة الحسكة الأولى في إنتاج القمح السوري، تليها محافظة حلب، التي تسيطر على أجزاء من ريفها الشمالي والغربي فصائل معارضة.

وفي إطار التنافس بين القوى المسيطرة على الأراضي الزراعية السورية، رفعت دمشق سعر شراء القمح من الفلاحين نحو 1300 ليرة عن سعر الموسم الفائت، وأعلنت تحديد السعر التأشيري لشراء مادة القمح للموسم الحالي بـ5500 ليرة للكيلوغرام الواحد. يشار إلى أن السعر الوسطي لصرف الدولار الأميركي الواحد 14600 ليرة سورية.

وبحسب تصريحات الرئيس السابق لحكومة النظام ، حسين عرنوس، فإن كمية الأقماح المستوردة خلال العام بلغت نحو 674 ألف طن، بقيمة وصلت إلى نحو ثلاثة آلاف مليار ليرة سورية، علماً أن سوريا منذ اندلاع الحرب تستورد ثلثي احتياجها السنوي من القمح، البالغ 2.5 مليون طن، بعد أن كان متوسط إنتاجها ما قبل الحرب 4 ملايين طن، ووصلت في بعض السنوات إلى ما يقرب 5 ملايين طن.

القطن السوري من العالمية إلى شحّ الإنتاج

يعدّ القطن المحصول الاستراتيجي الثاني بعد القمح، وكانت سوريا قبل 2011، تحتل المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج القطن بعد الهند، بإنتاج سنوي يتجاوز مليون طن، كما حلّت الثانية عالميًا في مردود الهكتار من القطن، وإنتاجها بلغ 8.3% من الإنتاج العالمي، وكان الاستهلاك المحلي يبلغ 30% من حجم الإنتاج، والباقي يتم تصديره.

وانخفض إنتاج سوريا من محصول القطن عاماً بعد عام، منذ بدء الحرب، من دون حلول من شأنها وقف نزيف تهالك أحد أبرز المحاصيل الاستراتيجية على مدى عقود في البلاد.

وذكرت صحيفة تشرين الرسمية أن إنتاج سوريا من القطن، خلال السنوات الخمس الماضية، تراجع بشكل كبير ولافت، فبعد أن بلغ إنتاجها 65 ألف طن من سهل الغاب مطلع الألفية الثانية، تراجع إلى 530 طن فقط العام الماضي، مذكرة أنه في  عام 2011  بلغ إنتاج سوريا من القطن 717 ألف طن، من اجمالي مساحة مزروعة بلغت 175 ألف هكتار، في حين بلغ العام الماضي 14 ألف طن، تم حلجها في محلجي “العاصي” في حماة و”تشرين” في حلب.

وهناك سببان رئيسيان، يقفان خلف تراجع رغبة المزارعين بزراعة القطن، الأول ارتفاع تكلفة الإنتاج الباهظة، والسبب الثاني حاجة المحصول الكبيرة للمياه، وغياب الطاقة أو المحروقات. لذلك بدأ المزارعون يبحثون عن الزراعات الأقل تكلفة والأكثر مردوداً وربحية، وقد توقّع مدير محلج “العاصي”، ياسر حلبية، عن استمرار ضعف الإنتاج هذا العام، وأنه في أحسن الأحوال قد يزداد بضعة آلاف من الأطنان.

وفي محافظة الحسكة، قدّرت مديرية الزراعة فيها محصول القطن المتوقع لهذا العام بنحو 18,5 ألفاً طن لكامل المساحة المزروعة، المحددة بـ4775 هكتاراً من حجم المساحة المخططة للمحصول، التي تصل إلى 5450 هكتاراً، منها 75 هكتاراً في مناطق آمنة، وسط تقديرات إنتاج تصل إلى 290 طناً.

وذكرت صحيفة الوطن شبه الرسمية، نقلاً عن مدير زراعة الحسكة علي خلوف الجاسم، أن الحالة العامة لمحصول القطن في المحافظة جيدة، على الرغم من أن الصنف غير معروف المصدر، ولم يتم شراء أي كمية منه، موضحاً أن المساحات المزروعة والكميات المقطوفة تناقصت تدريجياً عن الموسم الماضي، التي كانت تبلغ 6135 هكتاراً، والكميات المقطوفة وصلت إلى 21472 طناً، ولم تسوّق عن طريق المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان.

وبيّن رئيس اتحاد فلاحي محافظة الحسكة عبد الحميد الكركو، أن المنظمة الفلاحية بالمحافظة، راسلت الجهات المعنية المركزية، وقدّمت  اقتراح سعر تشجيعي للفلاحين بـ 13 ألف ليرة للكيلو، بما يتناسب وحجم كلف الإنتاج في ظل الظروف الراهنة، من أجل تحقيق هامش ربح بسيط لهم.

وتقدّر وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري الكمية المتوقع تسلمها خلال الموسم الحالي من محصول القطن بنحو 25.5 ألف طن، أي بزيادة عشرة آلاف طن تقريبًا على الموسم السابق، إلا أنها لا تزال أرقامًا بعيدة عن حجم إنتاج المحصول ما قبل عام 2011.

انخفاض إنتاج المزروعات الضرورية

انخفضت المساحة المزروعة من الشعير من 1527 ألف هكتار إلى 1440 ألف هكتار في حين انخقض الإنتاج من 680 ألف طن إلى 252.3 ألف طن، وأيضاً انخفضت المساحة المزروعة من البصل الجاف من 6 آلاف هكتار إلى 5.4 ألف هكتار، في حين انخفض الإنتاج من 110 آلاف طن إلى 79.8 ألف طن.

أما بالنسبة لمحصول البندورة، فقد تراجعت زراعتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وهذا ما أكده أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، لصحف محلية، من أن 90% من مزارعي الساحل تخلّوا عن زراعة البندورة، محذراً من تحوّل سوريا خلال السنوات المقبلة، من دولة مصدرة للمادة إلى مستوردة لها، مرجعاً السبب في ذلك إلى عدم وجود دعم حكومي للفلاح، سواء بالنسبة للمازوت أو الأسمدة أو المبيدات، إضافةً إلى ارتفاع أجور اليد العاملة للقطاف.

أما البطاطا، فقد انخفضت المساحة المزروعة منها من 34.5 ألف هكتار إلى 26.4 ألف، في حين أن الإنتاج انخفض من 673 ألف طن إلى 594.6 ألف طن.  وازدادت المساحة المزروعة من الذرة الصفراء من 38 ألف هكتار إلى 57.3 ألف هكتار، في حين أن الإنتاج ازداد من 133 ألف طن إلى 309.8 ألف طن.

وانخفضت المساحة المزروعة من التبغ من 10 آلاف هكتار إلى 8 آلاف هكتار، وانخفض الإنتاج من 20 ألف طن إلى 14.2 ألف طن، وتوقف إنتاج الشمندر السكري تماماً، حيث كانت المساحة المزروعة في عام 2010 54.3 ألف طن، والإنتاج 1493 ألف طن.

وبهذا انخفضت المساحة الإجمالية المزروعة من المحاصيل الزراعية والصناعية الرئيسية من 3588.8 ألف هكتار إلى 3266.2 ألف هكتار، أي بنسبة 8.98% ، في حين أن الإنتاج انخفض من 8066 ألف طن إلى 4586.3 ألف طن، أي بنسبة 43.11%، ما يدل على وجود ضرر كبير في المحاصيل الزراعية والصناعية الرئيسية.

تقلّص إنتاج الحمضيات  

قدّر مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة، أن إنتاج الحمضيات شهد تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، فقد انخفض من 1.250مليون إلى 688 ألف طن في موسم العام الجاري، منها 540 ألف طن في اللاذقية، و147 ألف طن في طرطوس، واضطر العديد من مزارعي الحمضيات إلى قلع الأشجار، واستبدالها بزراعات مجدية اقتصادياً أكثر، لتغطية مستلزمات الإنتاج، ومنها على سبيل المثال الزراعات الاستوائية، ما يعني خسارات جديدة خلال الأعوام المقبلة، في الكميات المنتجة من الحمضيات.

وبالنسبة للفستق الحلبي أكد مدير مكتب الفستق الحلبي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، المهندس جهاد المحمد، أن المحافظة الأولى بالإنتاج كماً ونوعاً حالياً هي حماة، ومن المتوقع أن يصل إنتاج الموسم الحالي إلى 75 ألف طن، وقد أدى تراجع إنتاج الفستق الحلبي إلى زيادة كبيرة في أسعاره، وأسعار المواد الغذائية التي يدخل في صناعتها، وبحسب إحصاءات وزارة الزراعة تبلغ المساحة المزروعة بمحصول الفستق الحلبي أكثر من 21.9 ألف هكتار، مزروعة بعدد يفوق 3 مليون شجرة، المثمر منها أكثر من 2.6 مليون شجرة.

وتشير تقارير وزارة الزراعة إلى انخفاض أعداد الأشجار المثمرة والإنتاج، لأسباب عديدة، أهمها تراجع عمليات الخدمة والجفاف, إضافة إلى ظاهرة المعاومة (حيث تكون الأشجار في بعض السنوات غزيرة الإنتاج وفي سنوات أخرى ضعيفة أو شبه معدومة) ، ونقص المحروقات والأسمدة والمبيدات الحشرية، وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، وغيرها من مستلزمات الإنتاج.

أما بالنسبة إلى الزيتون، أكدت المهندسة عبير جوهر، مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة السورية، أن تقديرات الإنتاج لهذا العام تصل إلى نحو 700 ألف طن زيتون، من المتوقع أن يُنتَج منها 91 ألف طن زيت زيتون، وهذه الإحصائية تشمل مختلف الأراضي السورية بما في ذلك إدلب وريف حلب، بينما يُقدّر الإنتاج في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية بنحو 380 ألف طن زيتون، تُنتج 49 ألف طن زيت زيتون.

كما تشير جوهر إلى أن الاستهلاك المحلي لزيت الزيتون انخفض بشكلٍ حاد، من 6 كيلو غرام إلى أقل من 2 كيلو غرام للفرد الواحد سنوياً، وذلك بسبب انخفاض دخل المواطن السوري، وارتفاع سعر الزيتون، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج محلياً، بما في ذلك تكاليف السماد والقطاف ومكافحة الحشرات وعصر الزيتون وأسعار العبوات المخصصة للتعبئة.

زراعات استوائية بديلة

نظراً إلى انخفاض تكلفة زراعتها ومردودها المادي الجيد، انتشرت في السنوات الأخيرة،  زراعة الفواكه الاستوائية (الأفوكادو والدراكون والشوكولا والقشطة)  في الساحل السوري، وتفيد معلومات صحفية من وزارة الزراعة بأنّ المساحة المزروعة اليوم بالفواكه الاستوائية في طرطوس واللاذقية باتت تعادل 10% من مجموع الأراضي القابلة للزراعة، من دون أن ترى تهديداً في ذلك، علماً أنّ النسبة بحدّ ذاتها مرعبة، بل إنّ مزارعين أكدوا أنّ النسبة أعلى من ذلك بكثير.

و لا تنمو أشجار الفواكه الاستوائية في مناطق الداخل السوري، بسبب العوامل الجوية الباردة شتاءً، ليكون الساحل السوري بيئة خصبة لزراعة بدأت قبل نحو عقد، وانتشرت كالعدوى بين المزارعين، الذين سئموا زراعة الحمضيات والتفاح، وآفاتها الزراعية، ومصاريف رعايتها الدوائية، واحتمالية انهيار الموسم بأكمله لسبب أو لآخر، فضلاً عن كمية الجهد المطلوب لإتمام الحصول على موسم جيد، قد تكون أرباحه مجزية لظروف متعددة، أبرزها سلسلة الوساطات بين المزارع والمشتري.

ارتفاع أسعار الأسمدة والمحروقات  

على الرغم من التصريحات المتكرّرة للمسؤولين في وزارة الزراعة حول الدعم المستمر للقطاع الزراعي والفلاحين، إلا أن القرارات الحكومية المتتالية، بدلاً من أن تخفّف معاناة هذا القطاع، فهي تزيد من مشكلاته وتقلل من إنتاجيته، ففي نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي،  قرّر المصرف الزراعي رفع أسعار الأسمدة لمرة جديدة، حيث أضاف 300 ألف ليرة على سعر طن سماد اليوريا، ليصبح 9.2 ملايين ليرة، بدلاً من السعر السابق 8.9 ملايين ليرة.

في حين تم رفع سعر أسمدة الفوسفات نحو 400 ألف ليرة للطن، وذكر أنه يتم العمل على إبرام عقود عمليات مقايضة لتأمين الاحتياجات من أسمدة اليوريا، مشيرا إلى أن عدم رضى الفلاحين حول سعر الفائدة لشراء الجرارات الزراعية.

وبلغ سعر طن السماد مركب سوبر فوسفات في السوق السوداء 13 مليون ليرة، وطن سماد يوريا 46٪ آزوت 12 مليون ليرة، فيما سعره في المصرف 9.2 مليون ل.س، وطن سماد 26٪ آزوت يباع في المصرف الزراعي ب 6.2 مليون ليرة، وبحسب نشرة مبيع أسعار الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية التي صدرت مؤخراً من المصرف الزراعي التعاوني للفلاحين للموسم الزراعي 2024- 2025، حُدد سعر سماد اليوريا بـ 460 ألف ليرة للكيس الواحد، الذي يحتوي على 50 كيلو غرام.

ووفقًا للنشرة ذاتها، بلغ سعر كيس سماد سوبر فوسفات محلي بـ  345 ألفاً، و سعر سماد سوبر فوسفات استثمار روسي ب 565 ألفاِ، وسماد الكانترو 26% بسعر 310 ألف للكيس.

كما تشكل أزمة المحروقات وارتفاع أسعارها وصعوبة تأمينها أحد العقبات الرئيسية لقطاع الإنتاج، إذ يحتاج المزارع لمادة المازوت لتشغيل آليات الزراعة ومضخات الآبار والجرارات، إلى جانب سيارات النقل وآليات الحصاد وغيرها.

ويعزو النظام السوري عبر وسائل إعلامه الرسمية وبشكل متكرر الأزمة المزمنة إلى الحصار الاقتصادي، المتمثل بالعقوبات الأمريكية والأوروبية.

وفي نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وافق مجلس الوزراء بحكومة النظام السوري على توصية اللجنة الاقتصادية، برفع أسعار المازوت الزراعي بنسبة 150%، لترتفع من 2000 ليرة سورية لليتر الواحد، إلى 5000 ليرة.

التغير المناخي وتدهور الغطاء النباتي

تُواجه سوريا تحدياً  كبيراً  إلى جانب التحديات الأساسية، وهي ظاهرة التغير  المناخي التي أدّت إلى زيادة  مُعدّل الجفاف في المنطقة، ما زاد من النقص الحاد في كميات الماء الُمتاحة للزراعة، وانخفاض مُعدلات الإنتاج الزراعي والموارد  الغذائية، خصوصاً المناطق الصحراوية الجنوبية والشرقية من سوريا، مع انخفاض الهطولات المطرية، وارتفاع درجات الحرارة بشكل استثنائي، مع غياب توفير المياه الصالحة للشرب، وتناقص مخزونات الأحواض المائية.

وأكد مدير إدارة بحوث الموارد الطبيعية في وزارة الزراعة التابعة للنظام، منهل الزعبي، أن سوريا تعاني من تدهور كبير في الغطاء النباتي، جراء التأثير السلبي للتغير المناخي، الذي أثّر بدوره على الموارد المائية، لافتاً إلى أن مساحة البادية تشكل حالياً نحو 55 بالمئة من مساحة سوريا.

وأضاف الزعبي لصحيفة “الوطن” الموالية للنظام، أن هناك انخفاضاً حاداً على مستوى المياه الجوفية ظهر بشكل واضح خلال هذا العام نتيجة انحباس الأمطار، خصوصاً في محافظة ريف دمشق، حيث تراجع عمق المياه الجوفية في بعض مناطقها إلى 100 متر بعد أن كان 50 متراً.

ومن ناحية أخرى، أشار الزعبي إلى وجود تأثير سلبي أيضاً للشدات المطرية العالية جداً التي شهدتها بعض المناطق والمحافظات، مثل محافظة مصياف، التي بلغت الشدّة المطرية فيها خلال شهر مايو/ أيار الماضي نحو 100 ملم في اليوم الواحد، وهذا يعادل نصف معدل الهطلات المطرية في محافظات أخرى،  مثل دمشق، وهذا الأمر له أثر سلبي كبير على المحاصيل الزراعية، وقد يؤدي إلى انجرافات في التربة وانزلاقات خطيرة.

تقييم عام

1- تحوّل القطاع الزراعي السوري من مساهم أساسي في الإنتاج المحلي إلى قطاع مشتت، بفعل الآثار المدمّرة للحرب، ونشوء مناطق نفوذ مختلفة.

2- تراجع إنتاج القمح، الذي شكّل على الدوام حجر أساس في الأمن الغذائي السوري، وتحوّل سوريا نحو الاستيراد، وأثر هذا التراجع على مجمل الصناعات الغذائية التي تعتمد على القمح، وخصوصاً صناعة الرغيف، المادة الغذائية اليومية للطبقات الفقيرة.

3- تراجع محصول القطن، وأثره المباشر على صناعات النسيج والألبسة، المعروفة بجودتها ومكانتها عالمياً، وتراجع مفاصل هذه الصناعات، من معامل وورش وعمال مهرة وتجار وأصحاب محلات.

4- انخفاض حاد في إنتاج المحاصيل الزراعية التي تشكل عماد الحياة الغذائية اليومية للسوريين، وارتفاع أسعارها.

5- تراجع مخزونات الأحواض المائية، واستمرار السياسات الجائرة في حفر الآبار.

6-  يشكل نقص المحروقات، وغلاء أسعارها، زخصوصاً المازوت، سبباً رئيسياً في تراجع مجمل العملية الزراعية. 7- المؤسسات الحكومية المسؤولة عن القطاع الزراعي، خصوصاً وزارة الزراعة ومؤسساتها، تفتقد الإمكانات اللازمة للحدّ من الانهيار العام الذي يشهده القطاع الزراعي، وتبدو كأنها تعمل كمؤسسة تصريف أعمال لا أكثر ولا أقل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق