“ردع العدوان” تخرق الاتفاق الروسي التركي وتثير أسئلة التوقيت والمغزى والمستفيد

وكالات- “حدْس”:
تطورات عسكرية مفاجئة شهدتها مناطق وقرى ريف حلب الغربي، حيث شنّت “هيئة تحرير الشام” عملية “ردع العدوان”، يوم أمس الأربعاء، وعدّتها ضربة استباقية “ضد قوات النظام وميليشياته”، وذلك بحسب تصريح أدلى به حسن عبد الغني، الناطق باسم غرفة عمليات “الفتح المبين”، وشاركت إلى جانب الهيئة “الجبهة الوطنية للتحرير” وفصائل أخرى.
وفي الوقت الذي لاقت فيه هذه العملية تأييداً من قبل مساندين لخط الهيئة، أو ممن يعتقدون بضرورة كسر الجمود في الساحة العسكرية، أثارت في الوقت نفسه عدداً من الأسئلة حول التوقيت والمغزى الفعلي للعملية، ومدى قبول تركيا بها، وذهبت بعض التحليلات نحو دور أمريكي، وربما “إسرائيلي”، خصوصاً بعد التهديد الذي وجّهه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لبشار الأسد.
ميدانياً، قالت غرفة عمليات تابعة للفصائل، أن قواتها تمكّنت من السيطرة على الفوج 46، وعلى طريق حلب دمشق المعروف بm5، وتجاوزوه شرقاً إلى بلدة الزربة، ما يشي بمزيد من التوغل، بعدما كانوا سيطروا على شريط بطول 110 كيلومترات، من 40 قرية وبلدة ذات أهمية استراتيجية، فيما بدأت موجة نزوح تقدر بالآلاف من تلك المناطق باتجاه مناطق “درع الفرات”، نحو جرابلس وجرجناز.
واليوم مع خسارة النظام لطريق الـM5، وهو لا يسيطر أيضاً على الـM4، فذلك يعني أنه قد يضطر لاستخدام الطريق القديم لربط دمشق بحلب، ما يشكل خطراً كبيراً، لأنه يمر على تخوم الصحراء لجهة حماة، حيث تنشط خلايا “داعش”. .
وأفادت مواقع إخبارية موالية للفصائل المشتركة في الهجوم إن طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام السوري شنّت غارات على مناطق خاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة بريفي حلب وإدلب، كما تعرضت هذه المناطق لقصف بصواريخ أرض أرض، وفقا للمصادر ذاتها.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية تركية أن “عملية المعارضة السورية باتجاه حلب تقع ضمن حدود منطقة خفض التصعيد بإدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019″، وأضافت رويترز أن العملية المحدودة ل”جماعات المعارضة” توسّعت بعد أن غادرت قوات النظام السوري مواقعها، وأوضحت أن العملية جاءت عقب هجمات النظام على المنطقة.
وقال مصدر في وزارة الدفاع التركية لرويترز إن أنقرة تتابع عن كثب التحركات الأخيرة لفصائل المعارضة في شمالي سوريا، وقد اتخذت كل الاحتياطات لضمان أمن القوات التركية هناك، وفي بيان للوزارة أعلنت أن المناطق المحررة حديثاً، ضمن عملية “ردع العدوان”، منطقة عسكرية مغلقة حتى إشعار آخر، لضمان إزالة الألغام والمخلفات العسكرية.
وتعليقا على العملية، أصدرت القيادة العامّة لقوات النظام السوري، قالت فيه “أن تنظيمات إرهابية مسلحة منضوية تحت ما يسمى “جبهة النصرة الإرهابية ” الموجودة في ريفي حلب وإدلب قامت بشنّ هجوم كبير وعلى جبهة واسعة صباح يوم الأربعاء 27 / 11 /2024 بأعداد كبيرة، مستخدمةً الأسلحة المتوسطة والثقيلة مستهدفة القرى والبلدات الآمنة والنقاط العسكرية في تلك المناطق، ووقد تصدّت القوات المسلحة لهذا الهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن مكبداً التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة”.
وهذا التقدم هو الأول من نوعه منذ مارس/آذار 2020 عندما اتفقت روسيا وتركيا على وقف لإطلاق النار، أدى إلى وقف المواجهات العسكرية في آخر معقل كبير للفصائل الإسلامية المسلّحة في شمال غرب سوريا.
توقيت العملية والمواقف الإقليمية
تزامن عملية “ردع العدوان” مع إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، أثار علامة استفهام كبيرة، خصوصاً بعد قصف إسرائيل لعدد من المعابر بين سوريا ولبنان، لقطع الإمداد عن “حزب الله”، وتهديد بنيامين نتنياهو لبشار الأسد بعدم “اللعب بالنار”، في الوقت الذي قال فيه عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، خلال اتصال مع عبد الله بو حبيب، وزير خارجية لبنان”إن هذه الحوادث (في سوريا) هي مخطط أميركي – صهيوني لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة”، مشدداً على ضرورة التصدي لظاهرة الإرهاب المقيتة. وبحسب هذا السيناريو، فقد تم «جرّ» الفصائل إلى معركة، بإيهامها أن الوقت مناسب للسيطرة على مناطق من الشمال السوري، واستعادتها من النظام وفصلها عن سلطة دمشق كلياً، وهو ما تم عملياً بين الأمس واليوم.
أما الموقف التركي، فقد أخذت تصريحات المسؤولين فيه مسافة من العملية، حيث صرّح وزير الدفاع التركي أن “أنقرة تراقب”، في حين أن مثل هكذا عملية كبيرة لا يمكن أن يُتخذ فيها قرار منفرد من قبل الفصائل، من دون إعلام تركيا ونيل موافقتها، وهي بذلك تمثل رسالة لبشار الأسد، الذي تجاهل الدعوات التركية للتطبيع، واضعاً شرط انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، بحيث أن مثل هكذا عملية، قد تدفع بشار الأسد للتفاوض مع أنقرة.