بيان للرأي العام إعلان دستوري يمهّد لاستبداد جديد
أصدرت اللجنة المعينة من الرئيس الانتقالي أحمد الشرع اليوم الخميس 13 مارس/ آذار 2025 الإعلان الدستوري، لتنظيم المرحلة الانتقالية، وقد تضمن الإعلان مواداً دستورية، ليست من اختصاص المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها تحديد دين رئيس الدولة، وتحديد “الفقه الإسلامي” المصدر الرئيس للتشريع، وحدد هوية الدولة بأنها “عربية”، وكذلك لم يقر بالتنوع القومي الموجود في البلاد من كرد وآشور وتركمان وغيرهم من القوميات، وحدّد اللغة العربية بأنها اللغة الرسمية للبلاد.
وبما يخصّ تبني فصل السلطات الذي أقرّ به الإعلان الدستوري، جاء شكلياً، إذ منح الإعلان الدستوري الرئيس الانتقالي حقّ تعيين ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب، وقال بانتخاب لجان فرعية للثلثين الباقيين، من دون القول صراحة بأن الانتخاب يأتي من الشعب، وبذلك وضع الرئيس الانتقالي يده بشكل كامل على التشريع، بامتلاكه أولاً حق التعيين، وثانياً بتحديد نسبة الثلث، والمعروفة بأنها “الثلث المعطل”، كما أعطي الرئيس حق ردّ القوانين للمجلس لإعادة النظر فيها.
وفيما يخصّ السلطة القضائية، فقد مُنح الرئيس الانتقالي حقّ تعيين أعضاء اللجنة الدستورية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، ما يعني أن القضاء أيضاً بيد رئيس الجمهورية، والذي أصبح يمتلك جميع الصلاحيات تقريباً، من رئاسة البلاد، وتعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب، وتعيين أعضاء اللجنة الدستورية العليا، ورئاسة مجلس الأمن القومي، وهو بالإضافة لذلك، القائد العام للجيش والقوات المسلّحة.
أما البنود المتعلقة بالحريات، ففيها تناقضات كثيرة، أولها أن الفقه الإسلامي سيكون محدداً لهذه الحريات، ومن المعلوم أن الحريات التي أقرها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، والذي تضمنه الإعلان الدستوري، تتناقض في الكثير منها مع الكثير من تفسيرات الفقه الإسلامي، وهذا التضارب، سيعطي الأولوية للفقه الإسلامي على بنود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، كما أن الإعلان الدستوري لم يحدد مرجعية الفقه الإسلامي.
نحن في الحزب الدستوري السوري (حدْس) ، وأسوة بالكثير من الأحزاب والقوى التي ناضلت ضد نظام بشار الأسد الاستبدادي، من أجل الوصول إلى دولة ديمقراطية ومواطنية، تقرّ بالتنوع القومي في البلاد، وما يترتّب عليه من حقوق دستورية، وناضلنا من أجل دولة يتساوى فيها المواطنون وفق أسس الدولة الحديثة، وليس وفق مرجعيات دينية، ورفضنا ولا نزال مركزة السلطات بيد السلطة التنفيذية، فإننا نجد في هذا الإعلان انتقاصاً من تضحيات السوريين المستمرة ضد الاستبداد، خصوصاً خلال أعوام الثورة، الاستبداد المؤسس على الهيمنة على السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية، وناضلنا من أجل أن يكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو مرجغية الحريات، وليس الفقه الديني، أي فقه كان، مع كامل الاحترام لحرية الفكر والمعتقد، وحقّ المتدينين بأداء عباداتهم من أي دين أو طائفة كانوا.
إننا في الحزب الدستوري السوري (حدْس) ندعو السوريين المؤمنين بالدولة المدنية الديمقراطية، برفض هذا الإعلان، والتعبير عن هذا الرفض سلمياً، لأن القبول به يعني القبول بعودة الاستبداد ، على خلاف ما كان يأمل ويحلم السوريون دعاة المواطنة.
الخميس 13 مارس/ آذار 2025