ماذا يعني بدء مفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرائيل؟

النهار العربي-سلام طرابلسي
في خضم الأزمات السياسية والمالية والاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان، إضافة الى معضلة تفشي وباء كورونا في بلد يعاني على مختلف الأصعدة، برز تطور لافت في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. ما حصل ليس مفاجئاً، إذ أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري في آب (أغسطس) المنصرم أن “المحادثات مع الأميركيين في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل أصبحت في خواتيمها”. والجديد إعلان بري ما اتفق عليه من إطار للتفاوض حول ترسيم الحدود. وقال في مؤتمر صحافي: “إن زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو للبنان أعادت ملف ترسيم الحدود إلى الحياة والمبادرة التي تمسكت بها هي تفاهم نيسان (أبريل) 1996 وقرار مجلس الأمن 1701، وأن تكون الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة في الناقورة وبرعايتها وتحت علم الأمم المتحدة وتلازم المسارين براً وبحراً”، موضحاً أن “ما جرى التوصل إليه هو مجرد اتفاق إطار يحدد المسار الواجب سلوكه”. هذه الخطوة لاقت ترحيباً دولياً، إذ أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر أن ”التفاوض بين لبنان وإسرائيل خطوة إيجابية، والاتفاق سيساعد لبنان الذي يمر بأزمة اقتصادية”.

فيما اعتبر المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش أن “قرار بدء المناقشات حول الترسيم إنجاز كبير للبنان يفتح المجال لمزيد من الاستقرار والأمن والازدهار الاقتصادي”. من جهتها، رحّبت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بـ”الإعلان عن اتفاق الإطار لإطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية والبرية بين البلدين”، مؤكدة ”الاستعداد لتقديم كل الدعم الممكن إلى الأطراف وتسهيل الجهود الرامية للوصول الى حل في هذه المفاوضات المقبلة، والمضي قدماً في عملية تحديد الخط الأزرق”. رئيس الجمهورية ميشال عون رحّب أيضاً بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو عن التوصل الى اتفاق إطار للتفاوض على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها، وبوساطة مسهّلة من الولايات المتحدة الأميركية. والسؤال الأبرز: ما أهمية قرار كهذا في هذا التوقيت مع تزايد الضغوط الدولية، تحديداً الأميركية على لبنان؟ يقول السفير اللبناني السابق في واشنطن عبد الله بو حبيب في حديث لـ”النهار العربي”: “ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مفاوضات بين لبنان وإسرائيل، ولا تقدّم كبيراً في الموضوع، فالقضايا العالقة في هذا الملف لا تزال على حالها. هناك خريطة طريق للوصول الى اتفاق، فالأميركيون يقومون بمفاوضات منذ مدة من دون التوصل الى نتيجة فعلية، وفي مسألة الحدود البرية هناك نقاط خلاف عدة، بالتالي هذه مسيرة طويلة جيدة من أجل السلام، لكنها لا تكفله وهي تخدم الرئيس دونالد ترامب قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية، على اعتبار أنها انتصار لإسرائيل لكسب الصوت اليهودي”. ”لا دلالات لهذه الخطوة في ظل أجواء التطبيع في المنطقة ولا تعني شيئاً للبنان”، وفقاً للسفير بو حبيب، والجديد أن “إسرائيل وافقت على أن تكون المفاوضات تحت راية الأمم المتحدة بعدما رفضت هذا الأمر لسنوات”. وعما إذا كان قرار بدء المفاوضات لإبعاد “سيف” العقوبات عن شخصيات لبنانية مرتقبة من قبل الإدارة الأميركية، يستبعد السفير بو حبيب ذلك. وعن استياء رئاسة الجمهورية من طريقة التعاطي مع هذا الملف والجهة المخولة القيام بالمفاوضات بشأن الترسيم، يشير السفير عبد الله الى أن “هذا الأمر ليس من صلاحيات رئيس مجلس النواب ولا رئيس الجمهورية، إلاّ إذا تم تفويضهم من قبل الحكومة، ولكن هذا هو الأمر الواقع في لبنان”. أميركا لن تتفاوض “نهائياً” مع “حزب الله” في هذا الملف، وفق ما أكدت الخارجية الأميركية، ويشير السفير عبد الله في هذا الإطار الى أن الرئيس بري هو “الطرف الشيعي” الذي يمكن أن يتحدث معه الأميركيون ويتواصل هو تالياً مع الحزب، لكن هذا لا يعني أن “حزب الله” موافق على هذه الخطوة، وعلى الرغم من ذلك من المستبعد أن يعرقلها.