رأيصحافة

مابين أثينا والغرب ،”نحو مفهوم جديد للديمقراطية” مقاربةٌ لحسام ميرو

حسام ميرو الخليج 9 أغسطس 2021 

لا يزال مفهوم الديمقراطية محطّ جدل واسع من حيث التعريف، فهو من أكثر المفاهيم في علم الاجتماع السياسي، التي لا يمكن الإمساك بمضمون محدد لها بعيداً عن طبيعة الدولة والنظام الاقتصادي القائم، ولئن بقي التعريف اليوناني القديم القائل بأن الديمقراطية هي «حكم الشعب» متداولاً وأساسياً، إلا أن هذا التعريف، وخصوصاً في القرن العشرين، عرف انزياحات عديدة، مع التطور الرأسمالي من جهة، وترسيخ قيم الليبرالية من جهة ثانية، فقد أصبح مفهوم الديمقراطية مقترناً أكثر بشكل نظام الحكم، القائم على التداول السلمي للسلطة، عبر صناديق الاقتراع.

في ميثاق الأمم المتحدة لم تذكر كلمة الديمقراطية، لكن المؤسسين استلهموا مغزاها اليوناني؛ حيث اعتبروا أن «إرادة الشعوب مصدر شرعية الدول ذات السيادة»، وخلال مسيرة الأمم المتحدة أصبحت الديمقراطية وقيمها جزءاً لا يتجزأ من أدبياتها، وفي الميثاق العالمي لحقوق الإنسان تم الإقرار بأن «إرادة الشعب هي أساس سلطة الحكومة»، لكن هذه التعريفات، تبقى عامة، وخاضعة لتفسيرات واجتهادات عديدة، فالكثير من حكومات دول فاعلة ومؤثرة عالمياً، تدّعي أنها تمثّل إرادة الشعب، من دون أن تتبنى مرجعيات الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، أو حتى من دون أن تتوفر الشروط المطلوبة لنزاهة الانتخابات فيها.

عادة ما يتم ربط الديمقراطية بالغرب، أي ربطها بالنظام الرأسمالي الليبرالي، وتؤخذ التجربة الغربية بوصفها مثالاً عن الديمقراطية، خصوصاً لجهة قياس تجارب دول أخرى، تُعرّف نفسها بأنها ديمقراطية، وإذا كانت التجربة الغربية قد مرّت بأزمات عديدة، لكنها تمكّنت بعد الحرب العالمية الثانية من بناء نظام سياسي يمنع تأسيس أحزاب نازية أو فاشية، لضمان عدم تكرار تجربتي ألمانيا وإيطاليا في ثلاثينات القرن الماضي، وبما يصون تجربة الانتقال السلمي للسلطة، لكن الديمقراطية الغربية بطابعها التمثيلي لم تفض إلى نتائج متطابقة في كل دول المنظومة الغربية، وفي بعض الأحيان أصبحت مناقضة لأحد تعريفاتها الأساسية، أي بوصفها «حكم الشعب مقابل حكم النخبة».

من الناحية العملية، لا يمكن لكل أفراد الشعب أن يوجدوا في الحكم، وطبقاً لهذه الاستحالة، فإن الشعب يوجد في الحكم من خلال ممثليه، أي الأحزاب السياسية بصفة خاصة، لكن الواقع الفعلي يطرح عدداً من الأسئلة حول صيغة الديمقراطية التمثيلية، وأول تلك الأسئلة هو: هل بالفعل يمكن للديمقراطية التمثيلية أن تمثّل الشعب حقاً؟

لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال من دون اللجوء إلى بعض المقاربات الاقتصادية والمعيشية ومعدلات الثراء والفقر، فالجانب الإحصائي لهذه المقاربات يظهر اتساع الهوّة بين الطبقتين العاملة والفقيرة وبين الطبقتين الوسطى والغنية، كما تبرز حالة من الثبات والنمو في ثروات الأغنياء، بينما تتعرّض حياة الطبقات الأخرى لحالات عدم استقرار، كما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008، حين اضطرت الكثير من العائلات في الغرب، وخصوصاً في أمريكا، للتخلي عن بيوتها، بعد أن عجزت عن سداد أقساطها للبنوك.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق