التقرير السياسيبيانات الحزبوثائق وبيانات
أخر الأخبار

(حدْس) التقرير السياسي لعام 2021.. الحل السياسي وحدود التطبيع مع “النظام”

برزت في الآونة الأخيرة مؤشرات للتطبيع العربي مع “النظام” السوري، بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملك الأردني مع بشار الأسد، ورفع مستويات التنسيق بين عمّان ودمشق، وزيارة عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي لدمشق، والتصريحات الرسمية الجزائرية حول ضرورة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة الثبات على مواقفها السابقة، والتمسّك بالعقوبات المفروضة على الحكومة السورية، وإجراء جولة جديدة من المحادثات الأمريكية الروسية حول الشأن السوري.

نحن في (حدْس) نرى أن خلفيات هذا الحراك تتأسّس على محاولة أوسع لصياغة منظومة إقليمية جديدة، بحسابات سياسية واقتصادية مختلفة عن العقد الماضي، تتضمن بشكل رئيسي إعادة رسم حدود الدور الإيراني في المنطقة، وعودة العلاقات بين دول الخليج وتركيا، وإيجاد حلّ سياسي للمسألة السورية، انطلاقاً من فرضية أن “النظام السوري” أحرز انتصاراً عسكرياً ناقصاً، وأن المعارضة السورية الرسمية خسرت معظم أوراقها، وأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أصبحت كارثية في سوريا، وبالتالي يمكن إيجاد عملية سياسية ما، على أساس “خطوة بخطوة”.

في عام 2021، بدا واضحاً أن مسار عمل اللجنة الدستورية بلا أفق، وكنّا في (حدْس) قد عبّرنا عن هذا الموقف منذ انطلاقة عمل اللجنة، لعدم حصول توافقات بين الفاعلين الإقليميين والدوليين المنخرطين في الصراع السوري، بالإضافة إلى رغبة النظام بتمييع هذا المسار، وتعطيل وصوله إلى أية نتائج جدّية، وبناءً عليه، فإنه من غير المتوقع أن يحدث في الأشهر المقبلة أي تحوّل نوعي في هذا الاتجاه، حيث سيسعى “النظام” إلى الحصول على مكاسب إقليمية ودولية، من دون أن يقدّم أي تنازلات ذات مغزى فعلي.

الثابت الوحيد في المعطيات السورية، هو الموقف الأمريكي والأوروبي تجاه مسألة إعادة الإعمار، ومن غير المتوقع أن يحدث أي تغيير في هذا الموقف، فهذا الموقف يتأسّس على نقطتين رئيسيتين، تتمثل الأولى في أن أي ضخ للأموال في إعادة الإعمار لن تكون مجدية قبل حدوث حلّ سياسي يتّصف بالديمومة، وهو ما لا تتوافر عناصره الواقعية حتى الآن، والنقطة الثانية، هي أن أي ضخ للأموال ستسفيد منه روسيا وإيران بالدرجة الأولى نتيجة هيمنتهما القوية على القرار السوري.

يرى حزبنا أن التضخيم الإعلامي حول التطبيع مع دمشق هو أكبر من الحقائق والممكنات على الأرض، حيث أن جزءاً كبيراً من الثمن المطلوب من “النظام السوري”يتعلق بالحدّ من النفوذ الإيراني متعدد الأوجه في سوريا، وهو أمر غير مممكن من الناحية العملية ضمن المعطيات الراهنة، كما أن الموقف الأمريكي واضح جداً حول منع ضخ أي أموال أو إقامة مشاريع كبيرة، وبالتالي فإن أي خطوات نحو التطبيع ستبقى ضعيفة الـتأثير في تعويم النظام سياسياً، وقبل ذلك شعبياً.

وعلى الرغم من أن اهتراء الأوضاع السورية يجعل من أي تفاؤل في غير محلّه، لكننا في (حدْس) ما زلنا متمسكين بتفاؤل الإرادة من منطق استراتيجي، خصوصاً بعد انكسار الكثير من الأوهام في المشهد الوطني، معوّلين على العمل على إعادة إحياء العمل السياسي، بما يتضمّنه من فكر وتنظيم ونشاط وتفاعل مع الآخرين، وبناء تحالفات بين القوى الديمقراطية، انطلاقاً من قناعتنا الراسخة بأن معركة النظام كانت دائماً معركة إلغاء السياسة من الحياة السورية، وتحويل أي حراك سياسي أو شعبي إلى مواجهة مسلّحة لنزع السياسة والمنطق منه.

05-01-2022

بواسطة
الحزب الدستوري السوري (حدْس)
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق