أخبار سورية

تقرير سياسي للحزب الدستوري السوري كانون الثاني يناير 2023


تقرير سياسي , شهر كانون الثاني- يناير 2023
تقرير سياسي حول مجمل الأوضاع السورية
سياسياً – عسكرياً – اقتصادياً

حفلت السنة الماضية 2022 بمستجدات كبرى دولياً , دفعت القضية السورية – مرة أخرى – إلى خلفية المشهد , نظراً لحجم التأثير العالمي للحرب الروسية على أوكرانيا , وتداعياتها العديدة , بدءاً بالعلاقات الدولية , ووصولاً إلى حالة التضخم الاقتصادي , نظراً لارتفاع تكاليف الطاقة بالدرجة الأولى , وما بينها من أزمات , ستزداد حدّة هذا العام 2023 .
انعكست الأوضاع الجديدة في سوريا في مستويات عديدة , سياسية وعسكرية واقتصادية , وهذا الانعكاس المباشر مرشّح للتصاعد .
في هذا التقرير نقدم وجهة نظر حزبنا للمتغيرات الأساسية , ورؤيتنا لاتجاهاتها الأكثر ترجيحاً , قياساً للعوامل الحاسمة فيها .

أولا : على المستوى السياسي
– لم يحدث أي تقدم ملموس في عمل اللجنة الدستورية , بل هناك تراجع وتعثّر كبيرين , وهو ما كنّا توقعناه في تقارير سياسية سابقة , فما زال النظام وروسيا على موقفهما من عدم أهمية هذا المسار , وقد استخدماه لتمرير الوقت , وتغيير الوقائع على الأرض , وهذان الموقفان , ازدادا حدّة بعد الحرب الروسية في أوكرانيا , نظراّ لاستفحال حالة العداء بين روسيا وعموم أوروبا .
– من غير المرجّح في رؤيتنا وجود استنهاض في هذا المسار في العام الحالي , خصوصاً أن مشروعية اللجنة الدستورية مرتبطة بالقرار 2254 , أي بالأمم المتحدة . التي لا تزال تشهد حالة توتر بين أعضائها الدائمين على خلفية المواقف من الحرب في أوكرانيا .
– لم يحدث أي تقدم في إعادة ” النظام السوري ” إلى جامعة الدول العربية في قمة الجزائر , التي انعقدت في الأول والثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر , من العام الماضي , فما زالت بعض الدول العربية ترفض هذه العودة , خصوصاً مع استمرار الموقف الأميركي , وعقوبات قيصر .
– خطوات التقارب التركي السوري :
يحاول كل طرف استثمار هذا التقارب في ساحته الداخلية , فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه يحاول سحب البساط من تحت المعارضة التركية بهذا التقارب , قبل الانتخابات الرئاسية في حزيران/ يونيو من العام الجاري , والعودة تدريجياً إلى سياسة تصفير المشاكل مع دول المنطقة , و ” النظام السوري ” يحاول الإيحاء بأن (سياسات الصمود) أطت نتائجها , وأنه أجبر العدو التركي على تقديم تنازلات .
هذا المسار يصطدم بعقبات عديدة , في مقدمتها الموقف الأميركي الرافض لإعادة تأهيل النظام , كما أن إيران لن يكون من مصلحتها حدوث تقارب مع تركيا , بعد أن استثمرت كثيراً في دعمها السياسي والعسكري والمالي للنظام السوري , وتمتلك إيران أوراق قوة جدية في الداخل السوري , وفي مستويات عديدة , ستقوم باستخدامها في حال كان هذا التقارب على حساب مصالحها الاستراتيجية .
أيضاً لن يكون بمقدور تركيا أن تقدم على تسوية مع النظام السوري , دون أن يقدم النظام تنازلات سياسية للمعارضة , حتى ولو كانت شكلية إلى حد كبير , لكن النظام في بنيته التي وصل إليها , يصعب تصور إقباله على تقديم تنازلات , حتى لو كانت شكلية .
نعتقد أن مسار إنهاء حالة العداء بين النظامين السوري والتركي , ستأخذ شكل ” عملية سياسية ” , بين طرفين انعدمت بينهما الثقة , يخضع كل منهما لضغوط داخلية وخارجية متباينة , لن يكون بالإمكان تجاوزها بسهولة , أو من دون تقديم تنازلات مؤلمة .



ثانياً : على المستوى العسكري
– قامت تركيا بتصعيد عسكري كبير ومتواصل في منطقة الجزيرة السورية , مستهدفة نقاط عسكرية لقوات ” قسد ” , و بنى خدمية , وهدّدت بعملية برية واسعة النطاق , لكن دون أن تقدم على تنفيذها , وبشكل أساسي نتيجة الرفض الأميركي لهذه العملية , لكن تبقى هذه العملية واردة الحدوث , ورهن تطورات المواقف السياسية .
– شهدت محافظة إدلب وريف حلب الشمالي حالات اقتتال بين ” هيئة تحرير الشام ” وتشكيلات ما يسمى ” الجيش الوطني ” وهذه الحالة مرشحة للتفاقم في الأشهر المقبلة , مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في تركيا ,
– الضربات الإسرائيلية لمواقع إيرانية في سوريا , بما فيها مطار دمشق الدولي , شهدت ازدياداً في العام الفائت , مع استهداف أكثر من 70 موقعاً وستستمر إسرائيل بهذه الضربات , مع استمرار موازين القوى بخطوطها العريضة في الميدان السوري .
ثالثاً : على المستوى الاقتصادي
ازدادت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا بؤساً , خصوصاً مع تأثيرات موجة التضخم العالمية , وتدهور قيمة العملة المحلية مع نهاية العام الماضي , الأمر الذي من شأنه أن يضاعف معاناة السوريين عموماً , والموجودين تحت سلطة الأمر الواقع في دمشق خصوصاً , حيث أصبح دخل الموظف الحكومي أقل من دولار واحد يومياً , وهو أقل بمرتين من مستوى خط الفقر .
– هذا الانهيار الكبير في قيمة العملة السورية , سيزداد في العام الحالي , مع غياب أي مؤشرات على ضخ أموال خارجية كبيرة , يمكن لها أن توقف هذا الانهيار , وهو ما يعني حدوث حالة غلاء أكبر في أسعار السلع الأساسية , وعدم قدرة الدولة على التدخل .
– شهدت محافظة السويداء بشكل خاص وقفات احتجاجية ذات طابع مطلبي , معيشي , بالدرجة الأولى , وحملت معها في سياق تطورها مطالب سياسية , وستعود هذه الوقفات والتحركات بين حين وآخر , ولكن مستوى تأثيرها العام سيبقى محدوداً قياساً للمعطيات العامة وتعقيداتها .



رابعاً : على مستوى المعارضة السورية
– هناك سعي تركي لإعادة هيكلة المعارضة الرسمية ” الائتلاف الوطني ” وفصائل ” الجيش الوطني ” وهو ما يزيد من تحول هذه المعارضة الرسمية إلى مظلة سياسية للفصائل المسلحة الموجودة في إدلب وريف حلب الشمالي .
– هناك ميل عند بعض القوى والشخصيات المحسوبة على التيار الليبرالي واليساري بالتنسيق والتوافق السياسي مع “مسد” , لكن هذا الميل ما زال محدوداً , وغير مؤثر سياسياً , خصوصاً مع وجود نقاط خلاف عديدة , وتباينات سياسية بين مواقف المجموعات الحزبية الديمقراطية والشخصيات العامة المحسوبة على على هذا التيار من جهة , ومواقف ” مسد ” من جهة أخرى .
– حدثت مراجعات نقدية مهمة في العام الماضي في أوساط المعارضة الديمقراطية , تحلت بالجرأة والجدية , خصوصاً أن معظم هذا النقد نتج عن حوارات جرت بعيداً عن الإعلام , وصدرت عنها أوراق نقدية , يمكن التأسيس والبناء عليها , لكن هذه الخطوات في بناء رؤية نقدية , لا تزال أقل من الناحية العملية من تظهير أوضاع أفضل للمعارضة الديمقراطية .


09-01-2023

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق