ميديا

واقع القطاع الصناعي السوري: انهيار كارثي ومقترحات حكومية خلبية

“حدْس”- المكتب الإعلامي:

 كان “النظام السوري”، ورجال الصناعة الذين آثروا البقاء في البلاد، يعووّلون على نهاية العمليات العسكرية الكبرى، لبثّ الروح من جديد في القطاع الصناعي، وعلى الرغم من محاولات النظام، بعد تراجع وتيرة المعارك في السنوات الخمس الأخيرة، وارتسام خطوط تماس شبه ثابتة، تفعيل دور القطاع الصناعي في الاقتصاد، إلا أن الآمال المعقودة على  هذا الاتجاه، ذهبت أدراج الرياح.

لقد قلّصت الحرب قطر دائرة الإنتاج، فتقسيم المناطق والفصل بين المدن وموجات النزوح وانعدام الأمان وفقدان مقوّمات الإنتاج، من طاقة وطرق نقل وكفاءات، كل ذلك، أسهم بشكل مباشر وحاد في تقليص دائرة الإنتاج الوطنية، لعدم القدرة على إحداث تكامل بين مقومات العملية الصناعية.

وتكبد قطاع الصناعة خسائرة كبيرة بعد خروج الآبار والحقول النفطية والغازية عن الخدمة، بعد ما لحق بها من دمار، إثر معارك لاستعادتها، خاضتها قوات النظام بمساعدة القوات الروسية، من يد تنظيم “داعش”، في ريف حمص وسط البلاد، أو خروجها عن السيطرة، في الشمال الشرقي، حيث تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” “قسد” مدعومة من التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، علاوة على العقوبات الأقتصادية المفروضة على البلاد،  من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي، وأزمة المصارف في لبنان.

وبحسب المكتب المركزي للإحصاء، كانت مساهمة القطاع الصناعي من الناتج المحلي الكلي، حوالي 22%، بقيمة تبلغ 28.380 مليار ليرة سورية (567.6 مليون دولار، بحسب سعر الصرف آنذاك)، وفي العام الماضي، قدّرت وزارة الصناعة حجم الأضرار التي طالت القطاع الصناعي بسبب الحرب، بأكثر من 600 تريليون ليرة (نحو 150 مليار دولار بأسعار السوق الحالية).

ويعاني مَن بقي مِن صناعيِّي سوريا في مناطق سيطرة النظام من أزمات متنوعة، تبدأ بالطاقة، مروراً بالعمالة التي هجر معظمها البلاد، ولا تنتهي بالقدرة على التصريف والبيع في سوق ضعيف القدرة الشرائية، إضافة إلى مسألة التسويات التي يُجريها النظام مع التجار، وهي عبارة عن تكليفات مالية تفرض عن طريق الأفرع الأمنية، مقابل مساهمة التاجر أو الصناعي في تمويل ودعم الحرب، أو لمصلحة شخصيات نافذة.  

ويؤكد الصناعيون في حلب ودمشق وحمص أنّ بعض مؤسسات القطاع قد تتوقف، بسبب ارتفاع سعر الكهرباء، وأن الحكومة لا تدعم القطاع الصناعي بالشكل الكافي، لاستمرار أعمالهم،  وهذا ما يُعزّزه الواقع العملي للقطاع الذي تراجعت إنتاجيته بشكل كبير، ما جعل اقتصاد النظام يعتمد على الاستيراد والقطاع الزراعي بشكل رئيسي، بدلاً من الصناعة السورية، التي باتت تقتصر على بعض السلع الغذائية والملابس والمنظفات بشكل رئيسي.  

وتحدّثت إحصائية لاتحاد غرف الصناعة السورية، أجريت في عام 2021، عن هجرة 47 ألف صناعي سوري، منهم 19 ألفاً من مدينة حلب، في حين هاجر 28 ألفاً من مدينة دمشق، واصفة هذه الهجرة بالكارثة، خصوصاً أن معظمها حدث خلال أسبوعين.

وتصنف الصناعات في سوريا، بالاستناد إلى دليل التصنيف الاقتصادي الدولي، إلى ثلاثة أقسام رئيسة، وهي: الصناعات الاستخراجية (استخراج النفط والغاز الطبيعي- استخراج الفوسفات) ، والصناعات التحويلية (الصناعات الغذائية- التبغ- تكرير النفط- الغزل والنسيج وإنتاج الملابس- المنتجات الخشبية- الصناعات الكيميائية وغيرها)، وأخيراً صناعة الماء والكهرباء.

أزمة محروقات مزمنة

تعرّض القطاع الصناعي الخاص في سوريا، لهزّات عنيفة متكررة، جرّاء ارتفاع أسعار الكهرباء، ومشتقات النفط (المازوت والفيول)، التي شهدت في الآونة الأخيرة قفزات غير مسبوقة، تجاوزت قدرة القطاع على الإنتاج.

ففي مطلع أبريل/نيسان من العام الجاري،  رفعت الحكومة سعر اللتر الواحد من المازوت إلى 12540 ليرة (0.96 دولار)، وسعر طن الفيول إلى 8.69 ملايين ليرة (670 دولارا)، كما رفعت أسعار الكهرباء بنسبة وصلت بالمجمل إلى 600% عما كان عليه سعرها قبل سنوات،

حينها اعتبر اتحاد غرف الصناعة، أن الزيادة التي شهدتها الطاقة، (الزيادة الثانية خلال الأشهر الأولى من العام الجاري)، بمثابة رصاصة أصابت القطاع الصناعي الخاص في مقتل، مع أنه يعاني أصلاً، من تحديات كبيرة على مستوى سلاسل الإنتاج، بعد أن تعرضت أصوله الثابتة لأضرار جسيمة، وتوقفت الكثير من المصانع عن العمل، بسبب عدم توفر مستلزمات الإنتاج، ووجود صعوبات في فتح الاعتمادات بالعملة الأجنبية، وقطع الشركات العالمية علاقاتها مع الشركات السورية، على خلفية العقوبات الغربية المفروضة، وتوصلت غرف الصناعة السورية في اجتماع عقدته في العاصمة دمشق، إلى أن قرار الحكومة زيادة أسعار الكهرباء الصناعية بنسبة 120%، من شأنه أن يؤثر على تكاليف الإنتاج، ويرفع أسعار المنتجات، ويجعل أغلب المصنوعات الوطنية خارج عملية التصدير الخارجي، وخارج المنافسة السوقية المحلية.

ويستهلك القطاع الصناعي نحو 20% من إجمالي الكهرباء، بينما تعاني البلاد من نقص في إمدادات مشتقات النفط، يحول دون قدرة مجموعات التوليد في 5 محطات (الزارة، وحلب، وتشرين، وبانياس، ومحردة) تعمل بالغاز والفيول، على توليد كميات إضافية تلبي الحاجة الصناعية والمنزلية.

وتحتاج وزارة الكهرباء إلى ما يقدّر بنحو 17 مليون متر مكعب من الغاز، و3500 طن من مادة الفيول، لسد احتياجات البلاد، تبلغ تكلفتهما اليومية نحو 5 ملايين دولار، وفق مصدر حكومي.

وكان قطاع النفط والغاز، أحد أهم الروافد الرئيسية لإيرادات النظام السوري، بالرغم من قلة احتياطيات البلاد منه، لكن البلاد تعتمد منذ سنوات على حليفتها إيران في سد احتياجاتها النفطية، بموجب خطوط ائتمانية، غير أن إيران، وفي مطلع 2023، قيّدت إمدادات النفط لسوريا بالسعر المخفض، وضاعفت أسعاره، بسبب ما يعانيه اقتصادها من مشكلات على خلفية العقوبات التي يفرضها الغرب. ورفعت سعر برميل النفط الخام من 30 دولارا إلى 70 دولارا، كما طلبت من دمشق دفع قيمة الشحنات المقبلة مقدّماً.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن حميد حسيني، المتحدث باسم اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات الإيراني قوله: “نحن أنفسنا نتعرض لضغوط الآن.  ليس هناك ما يدعو للبيع إلى سوريا بأسعار مخفضة”.

وتعمل طهران وموسكو الحليفتان الرئيسيتان للنظام، على إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية في البلاد، سواء على صعيد إعادة تأهيل محطات التوليد التي تعمل على الغاز، حيث تتولى شركة “بيمانير” الإيرانية وشركات أخرى تنفيذها في محردة وحلب وبانياس. أو على صعيد مدّ شبكات النقل والتوزيع، وإصلاح الشبكات المتعطلة، بشكل عام.

وتضغط الحكومة السورية لاستخدام الطاقة البديلة، كخيار متاح أمام الصناعيين للتخفيف من حاجة منشآتهم للكهرباء التي تنتجها الدولة. وترى الحكومة أن استخدام الطاقة الشمسية، أو الطاقة الريحية، من شأنه أن يوفر بديلاً جزئياً غير تقليدي، كمرحلة أولية، على أمل أن تتحول جميع المنشآت إلى الطاقة البديلة بشكل تام.

وانتقد نائب رئيس غرفة صناعة حلب، عبد اللطيف حميدة، الفكرة، وكتب معلقا في صفحته في الفيسبوك : “إنها عنصر مساعد للكهرباء، ولن تكون حلاً بديلاً، فمن غير الممكن الاعتماد عليها في فصل الشتاء، أو خلال الفترة الليلية لعمل المنشآت. ووصف ما يتعرض له القطاع بالكارثة الحقيقية”.

انخفاض كبير في عدد المنشأت الصناعية الخاصّة

لعقود طوال، كانت حلب العاصمة والعمود الفقري للصناعة في سوريا، إلا أن الحرب وماتخللها من معارك طاحنة، تسببت بدمار كبير في مدنها الصناعية، ما أدى إلى تراجع  دورها ومكانتها، ف”الكلاسة” المنطقة الصناعية الأقدم والأهم في حلب، عانت لسنوات من صعوبات كبيرة، انعكست على انخفاض عدد المنشآت الصناعية والحرفية فيها بشكل ملحوظ، وتراجع الإنتاج الصناعي على مدار السنوات الماضية إلى النصف، بفعل الضرائب والجمارك ما أثقل كاهل الصناعيين.

وذكر محمد قرموز، نائب رئيس لجنة منطقة الكلاسة الصناعية، لصحيفة تشرين، أن عدد المنشآت الصناعية والحرفية تراجع من 2500 إلى 1100 منشأة فقط، بسبب الضرائب المرتفعة والدوريات الجمركية المتكررة، إضافة إلى معاناة المنطقة من عدم كفاية إمدادات الكهرباء، مقارنةً بالمناطق الصناعية الأخرى/ ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في الكلاسة.  

وفي شهر أبريل/ نيسان من العام الجاري، نقلت صحيفة الوطن الموالية للنظام، عن صناعي من مدينة حلب، تأكيده خلال اجتماع لاتحاد غرف الصناعة السورية، خروج ما لا يقل عن 25 معملاً جديداً من الخدمة، نتيجة ارتفاع التكاليف، خاصة تعرفة الكهرباء.

وحذّر صناعيون خلال الاجتماع، من “تهجير قسري”، للفعاليات الاقتصادية، مطالبين الحكومة بإيجاد حلول جذرية، لضمان استمرار العملية الإنتاجية، وإشراك وزارتي الكهرباء والصناعة بإيجاد الحلول.

وفي اجتماع دوري لها، طالبت لجنة المدينة الصناعية في منظقة الشيخ نجار، بضرورة تحسين الواقع الخدمي في المدينة الصناعية و معالجة المشكلات المزمنة  خصوصاً ما يتعلق بمحطات الكهرباء نظراً لواقعها الفني السيء و حاجتها الماسة للإصلاح و تأمين قطع التبديل اللازمة للإصلاح لتجنب الانقطاع في الخدمة خطوط الإنتاج، إضافة إلى الاسراع في إدخال المحطة الجديدة M4 إلى الخدمة.

كما طالب الصناعيون بحلّ مشكلة الانقطاعات المتكررة و الطويلة للمياه الصناعية، بما يسهم بتأمينها بصورة مستمرة للمعامل، و صيانة الطرقات الواصلة للمدينة الصناعية وفي داخلها، ومعالجة الوضع السيء لشبكة الاتصالات الخلوية.

وفي منشور يعبر عن مدى تجاهل النظام لمطالب الصناعيبن كتب رئيس غرفة صناعة حلب المهندس فارس الشهابي على حسابه في الفيس بوك: “غريب أمر حكوماتنا.. يهمشون مراسلاتك و توصياتك الخطية حول المشاكل الملحة و يهددون بإهمالها .. و ينزعجون جداً إذا خاطبتهم بالإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي.. و ينزعجون أكثر إذا تحدثت معهم بصراحة و وضوح وجهاً لوجه ..! يريدون منك فقط أن تصفق للخطأ و تجامل و تنافق و تهز رأسك بهدوء و دون أي صوت.. و إلا”. .!

أما في العاصمة دمشق، لم يكن الوضع فيها بأفضل حال من حلب، حيث تعالت أصوات الصناعيين المعبرة عن مآساتهم، حيث أكد رئيس لجنة الزجاج  في غرفة صناعة دمشق وريفها سامر محفوظ، أن نقص الزجاج في السوق مرتبط بمنع استيراد الزجاج الشفاف. وذكر “أن الزجاج المنتج محلياً لا يرقى إلى الجودة المطلوبة، وأن ارتفاع تكاليف المواد الخام المحلية مقارنةً بالدول المجاورة أثّر على قدرة البلاد على التصدير، وساهم في رفع الأسعار محلياً”.

أما صناعيو البلاستيك في دمشق وريفها، رأوا أن زيادة كلف الكهرباء ل 500% ساهمت في ارتفاع كلف التشغيل للمهنة، وبالتالي انخفاض نسب الربح للصناعيين، وزيادة الضرائب. وأكد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس القطاع النسيجي نور الدين سمحا انخفاض المبيعات في قطاع الألبسة بنسبة 40 إلى 50 بالمئة، مقارنةً بالعام الماضي، نتيجة لانخفاض القوة الشرائية للمواطن، وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع أسعار الألبسة متعلق بارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً، نتيجة التضخم العالمي، إضافة إلى ارتفاع أجور الشحن عالمياً، وارتفاع حوامل الطاقة داخليا. ً

ويواجه صناعيو الألبسة في دمشق وريفها تحديات، بعد تلقي معامل الألبسة الواقعة خارج المدن الصناعية إنذاراً بنقل مواقعها إلى مدينة عدرا الصناعية، بناءً على “البلاغ رقم 10. مطالبين الحكومة بتمديد فترة الإنذار، واستثناء قطاع الألبسة، نظراً لاعتماده على عمالة كثيفة وكلف نقل مرتفعة.  

وطالب صناعيون في القطاع الكيميائي في دمشق وريفها  بتعديل القانون 8، الخاص بحماية المستهلك، وإلغاء عقوبة الحبس على جميع المخالفات التموينية لتجار المفرق والجملة والصناعيين، واستبدالها بغرامات مالية تدفع في مديريات التموين، من دون مراجعة القضاء، في حال تمت المصالحة على الضبط خلال أسبوع، وإلغاء عقوبة إغلاق المنشأة، وأن تكون العقوبة من جنس العمل.

حكومة جديدة و”تفكير خارج الصندوق” بلغة الخصخصة  

صرح وزير الصناعة الجديد في حكومة النظام السوري د سامر الخليل للصحف المحلية حول “ضرورة التعاطي الحكومي بفكر ورؤى مرنة لتحديد دور الدولة في القطاع العام، ومن خلالها بلورة برامج تطوير لمختلف البنى والمكونات الأساسية القائمة”.

وفيما يتعلق بوزارة الصناعة، استنتجت الوزارة أنه و بعد الدراسة الهادئة والمعمقة لمختلف المنشآت العائدة للوزارة، تبين أن ثمة خسائر كبيرة جداً في عدد كبير من الشركات والمؤسسات والمعامل التابعة للوزارة، وهي ترتب متوالية خسارة للوزارة، وفي المحصلة للخزينة العامة للدولة، وهذا غير وارد في الأدبيات الاقتصادية الحقيقية، وغير مقبول في أعراف وطبيعة الاستثمار والتوظيف الرأسمالي الاقتصادي، لاسيما في بعده الإنتاجي.

وأكد الوزير أن الوزارة “ستعمل بذهنية منفتحة على كافة الخيارات الإستراتيجية بأبعاد وطنية، لتغيير هذه المعادلة المرتبكة وتصحيها، بشكل عاجل غير آجل، وفق منهج متوازن و دراسات جدوى اقتصادية لا تستبعد أي خيار  يحقق جدوى فعلية، ويضمن العائدية المفترضة لاستثمار موجودات القطاع، بما ينعكس على الوزارة والخزينة العامة، وتالياً الاقتصاد بمفهومه الكلّي في بلد يتمسك بأهمية استثمار كافة الفرص المتاحة”.

ولفت وزير الصناعة إلى أن الانسحاب المباشر من بعض تفاصيل الاستثمار المباشر للمنشآت، قد يكون خطوة إيجابية ومربحة بالنسبة للقطاع العام الصناعي، بما أن الدور الاستراتيجي للوزارة يقتضي أن تتولّى مهام بأبعاد أشمل لجهة التنظيم والإشراف وبلورة سياسات كلية للقطاع برؤية وطنية واسعة الطيف، غير مرتبطة بمسارات عمل واستثمار محدودة، وهذه الخطوات بمجملها لن تكون أبدا على حساب العاملين في القطاع العام الصناعي بل ستكون مصلحتهم في مقدمة أولوياتنا.

وكان وزير الصناعة، في مداخلة له خلال جلسة مجلس الوزراء، أيد رؤية رئيس مجلس الوزراء حول ضرورة الانطلاق من تحديد دور الدولة في القطاع العام، والسعي لاحقاً لوضع برامج تطوير هذا القطاع، ورأى أن هناك خسارة كبيرة جداً في وزارة الصناعة، وهناك أيضاً معادلة صعبة وخطيرة تتمثل بحقيقة خسارة عدد كبير من الشركات والمؤسسات والمعامل التابعة لوزارة الصناعة، وبالتالي خسارة الوزارة وخسارة الخزينة العامة للدولة، مقابل وجود عدد محدود من الرابحين الانتهازيين والفاسدين.

في حين صرح زير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لؤي المنجد خلال اجتماع مع مدراء التجارة الداخلية بالمحافظات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن توجه الحكومة الجديد: “ذاهبون إلى تغيير جذري وعقد اجتماعي جديد، ورسم تاريخ جديد لسورية للـ 50 سنة القادمة. وأيضاً لتشريعات مهمة في قانون الشركات وقانون حماية المستهلك رقم ٨ وقانون الغرف التجارية وقانون حماية الملكية”.

واعتبر مصرف سورية المركزي أن التضخم المرتفع في الاقتصاد السوري مع استمرار تباطؤ النشاط الاقتصادي، خصوصاً الإنتاجي منه، يسهم في زيادة التكاليف الناجمة عن كبح جماح التضخم، كما تتشكل صعوبة كبيرة في ظل ضعف عجلة الإنتاج . وفي دراسة له  أوضح المركزي أن هذه المعطيات تحتّم البحث عن حلول ملائمة، واعتماد استراتيجية تمكّن من استعادة الإنتاج والاستثمار، ودعم النشاط الاقتصادي بالدرجة الأولى، والعمل على استقرار معدل التضخم  وتثبيته نسبياً عند المستوى المحفز للإنتاج، والمتوافق مع أهداف السياسة النقدية والمصرف المركزي.

تغييب العاملين الوطني والسياسي

إثر تشكيل الحكومة الجديدة، وتبنيها ل”التفكير خارج الصندوق”، قدّم بعض خبراء الاقتصاد المقيمين في مناطق النظام عدداً من الاقتراحات، لبث الروح في القطاع الصناعي، مثل إلغاء قرار تجريم التعامل بالدولار، وإلغاء منصة المستوردات في البنك المركزي، وإلغاء تقييد حرية سحب الأموال من المصارف، وإلغاء قرار المركزي بمنع استيراد وتصدير قائمة طويلة من السلع، وغيرها من المقترحات القانونية.

لكن القراءة الاقتصادية لمضمون توجهات وزارة الصناعة، تقول بأن الوزارة ذاهبة نحو خصخصة منشأت صناعية تابعة للقطاع العام، بحجة عدم ربحيتها، وفي ضوء غياب الاستثمار الخارجي، فإن عملية الخصخصة تعني من الناحية العملية، بيع وتفكيك منشآت القطاع العام الصناعي لمصلحة شخصيات نافذة في النظام، أو أثرياء الحرب.

كما أن الحديث عن مقترحات إجرائية وقانونية، واعتبار أن تبنيها من شأنه أن ينتشل القطاع الصناعي من وضعه الكارثي، فيه استهانة لاسس الاقتصاد نفسها، فما يمرّ به القطاع الصناعي، وغيره من القطاعات الاقتصادية، نتيجة منطقية لمجمل الوضع الوطني على امتداد الجغرافيا السورية، وغياب الحلّ السياسي، وبالتالي، فإن التعويل على قانون هنا وإجراء هناك، يجعل من الأمر يبدو مسألة تقنية أو بيروقراطية، وتعمية على حقيقة الكارثة السورية، والتفاف على جذر المشكلة الأساسي، الكامن في استمرار النظام السياسي القائم.    

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق