البطريرك الراعي في سبته الكبير: انتفاضة سياسية تهزّ “عهد عون”

نجحت حركة الدعم الشعبي إلى بكركي للتأكيد على حياد لبنان والمطالبة بمؤتمر دولي لإنقاذه ودعمه. “سبت بكركي”، صدر عنه سلسلة لاءات طالب بها الحشد وأكدها البطريرك بشارة الراعي. قبل تلك اللاءات وبعدها، هتافات عديدة أطلقها جمهور بكركي أبرزها “إرهابي.. إرهابي، حزب الله.. إرهابي” و”بيروت حرّة حرةّ، إيران طلعي برّا”، وأخرى كدعوة لرحيل رئيس الجمهورية ميشال عون. حافظ الراعي على حياده منها أيضاً فلم يسكتها ولم يؤجّجها. تركها تصدر عن الحشد من دون تعليق، فتابع مطالبته ببناء الدولة السيّدة والمستقلّة غير التابعة لأي من المحاور الإقليمية والدولية ولا ضحية لها، مع التصويب المباشر على السلاح غير الشرعي وطمس الحقائق وتقويض الحقيقة. فأستعادت بكركي اليوم، بعضاً من أيام البطريرك السابق الراحل نصر الله بطرس صفير، في نداءاته الشهيرة ومواقفه السياسية العالية النبرة وفتح أبواب الصرح البطريركي أمام الناس. فحضروا من مناطق مختلفة، ومن طوائف مختلفة، ومن انتماءات سياسية مختلفة، تأكيداً للحياد والمؤتمر الدولي لمساعدة لبنان من جهة، ورفضاً لهيمنة حزب الله على البلد وما ومن فيه من جهة أخرى.
لاءات الراعي
بوضوح، أعلن الراعي 15 من “اللاءات” التي تحكم البلد ومن فيه، فتوجّه إلى حشد بكركي واللبنانيين بالقول “أفهم انتفاضتكم، لا تسكتوا عن تعدد الولاءات، لا تسكتوا عن الفساد وسلب أموالكم، لا تسكتوا عن الحدود السائبة، عن فشل الطبقة السياسية وعن الخيارات الفاضحة والإنحياز ولا تسكتوا عن فوضى التحقيق في تفجير المرفأ لا تسكتوا عن تسييس القضاء”. وفي سلسلة لاءاته، أضاف الراعي “لا تسكتوا عن السلاح غير الشرعي اللبناني، ولا تسكتوا عن عدم تشكيل الحكومة، لا تسكتوا عن توطين الفلسطينيين ودمج اللاجئين السوريين، لا تسكتوا عن سجن الأبرياء وإطلاق المذنبين، لا تسكتوا عن دم شهدائنا وهم ذخيرة وجودنا الروحي والوطني وويل لمن ينسى شهداءه ويقايض عليهم”.
المؤتمر الدولي
وفي حين أكد الراعي خلال كلمته أنه “لا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة ولا جيوش في دولة واحدة ولا شعوب في وطن”، أعاد تقديم الأسباب والدوافع وراء المطالبة بحياد لبنان وعقد مؤتمر دولي لدعمه وإنقاذه وتثبيه حياده، مشيراً إلى أنّ “كل ما نطرحه اليوم من حياد لبنان والمؤتمر الدولي هو لتجديد وجودنا الحر المستقل والمستقر ولإحياء الدولة المصادرة والمعطلة”. وأضاف أنه “حررنا الأرض فلنحرّر الدولة، إن عظمة حركات التحرر والمقاومة في العالم أن تصبّ في كنف الدولة ومن عظمة الدولة أن تخدم شعبها”، وأكد أنه “نريد من المؤتمر الدولي تنفيذ القرارات الدولية لأن من شأنها أن تنقذ سيادة لبنان وتسمح للدولة أن تبسط سلطتها الشرعية على كامل الأراضي اللبنانية من دون أي شراكة أو منافسة وأن يوفّر الدعم للجيش اللبناني ليكون الوحيد القادر على الدفاع عن لبنان”. واعتبر أنه لو تمكنّت الجماعة السياسية من إجراء حوار مسؤول ”لما طالبنا بتاتًا بمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يساعدنا على حل العقد التي تشل المؤسسات الدستورية”.
خطر وحالة انقلابية
وتابع الراعي مضيفاً أنّ “ما نريده من المؤتمر الدولي تثبيت الكيان اللبناني المعرّض للخطر وتجديد الدعم الديموقراطي للعدالة والمساواة وإعلان حياد لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب وأرض الإنقسامات ليتأسس على قوة التوازن”، ولأنه “تأكدنا أن كل ما طرح لم يطبّق حتى تبقى الفوضى وتسقط الدولة”. واعتبر أنّ اللبنانيين يواجهون “حالة انقلابية بكل معنى الكلمة على مختلف ميادين المرافق العامة وعل المجتمع اللبناني وعلى ما يمثل لبنان من حالة فريدة في هذا الشرق”، مشيراً إلى أنّ التجارب القديمة والحديثة أثبتت أنه “في كل مرة انحاز أحدهم إلى محور إقليمي تعطلت الدولة وانتكست الصيغة واندلعت الحروب”.
حياد وصلة وصل
وأكد الراعي أنّ الهدف من إنشاء دولة لبنان “خلق كيان حيادي في هذا الشرق يشكل صلة وصل وجسر تواصل بين الشرق والغرب”، لافتاً إلى “أننا شعب يريد أن يعيش تاريخ صداقات لا عداوات وميزة لبنان أن يعيش تواصل المحبة لا الأحقاد، هذه هي رسالتنا ودعوتنا ودورنا في هذه البيئة المشرقية، يجمعنا اليوم ودائماً لون واحد وهو لبنان إليه ننتمي بالمواطنة لا بالدين”. واعتبر أنّ دور لبنان “غير قابل للتشويه وهويته غير قابلة للتزوير من حقنا أن نعيش حياة كريمة في وطننا. لم نولد لنعيش في زمن الحروب الدائمة. قدر الإنسان أن يخلق أصدقاء لا أعداء، ومثال لبنان ان يكون رسالة السلم والسلام وأحد لن يقضي على لبنان الرسالة”. وختم بالتأكيد على أنّ البطريركية لا تفرّق بين لبناني وآخر، لأنّ “التضامن أساس وحدتنا في لبنانٍ واحد. هذا مشروعنا التاريخي. لبنان فخرنا بما يمثل من درة وجسر ثقافي بين الشرق والغرب، معاً سننقذ لبنان، عاش لبنان الواحد والموحد الحيادي الناشط والإيجابي لبنان السيد والمستقل لبنان الشركة والمحبة”.
لاءات الحشد
وكانت بدأت ظهر أمس السبت تجمّعات في مناطق مختلفة انطلقت باتجاه بكركي من بيروت والمتن وكسروان والشوف وطرابلس الضنية، كما كان لافتاً حضور مجموعة من رجال الدين المسلمين شيعة وسنة ودروز جلسوا في الصف الأمامي للحضور. وفي بكركي رُفعت لافتات عدة منها ”بكركي لكل لبنان”، “حياد، سيادة واستقرار”، لبنان أولاً وأخيراً”. كما رفع المشاركون لافتات أخرى أكدت على أنّ “الحياد يحمي لبنان” و”مجد لبنان أعطيَ لسيّد واحد” مع صورة الراعي. وباسم الحشد ألقت ماري آنج نهرا كلمة أكدت فيها أنه “لولا تدابير كورونا لكنّا بأعدادٍ أكبر ونحن هنا اليوم من دون أيّ وكيل عنّا وجئنا لنشدّ على يد البطريرك للمطالبة بالحياد الناشط ولعقد مؤتمر دولي لننقذ كيان لبنان ولنلتفّ حول دولة نزيهة. فقد آن الأوان لتصحيح المسار ولمحاسبة كل السلطة في لبنان”. وعدّدت نهرا سلسلة لاءات بدأتها بأنّ “لا سلطة فوق سلطة الدولة، ولا أحد أكبر من كيان لبنان، لا للفساد الإداري، ولا للاستقواء بأي خارج، لا للوصاية من أي أحد على أي أحد، لا لتدوير الزوايا، ولا للألاعيب وطمس حقائق الجرائم على أنواعها”.